كثيرون ممن يأكلون “الكباب” في الوطن العربي لا يعرفون منشأه، إلا أن فكرة استخدام الإنسان للنار من أجل التدفئة وإخافة الحيوانات وطرد الأرواح الشريرة و”شوي” اللحوم للطعام، قد تؤدي إلى إجابة واحدة، أن فكرة “الشوي” موجودة منذ فجر البشرية.
أما أصل الكلمة اللغوي، فيشير “القاموس المحيط” للفيروزبادي النيسابوري إلى أن لفظة “كباب” – كما ننطقها بفتح الكاف – يعني اللحم المشرح، أي الذي تم تقطيعه لشرائح.
ويورد القاموس أيضاً في نفس باب الكاف وفصل الباء أن كلمة “كُباب” – بضم الكاف كما لا ننطقها – تعني الكثير من الإبل والغنم.
يُرجح كذلك أن الكلمة أصلها آرامي. يقول كليفورد رايت في كتابه “وليمة شرق أوسطية” إن التسمية تعود إلى كلمة “كبابو” الآرامية القديمة، والتي تعني حرق وتفحيم اللحوم بشكل عام، ويضيف “في القرن الرابع عشر، استعملت الكلمة لتدل على طريقة “شوي” اللحم المفروم على شكل كروي أيضاً”.
** اقرأ أيضا: “الملوخية الياباني”.. قصة سرقة أشهر أكلة مصرية من أيام الفراعنة
وترى كثير من المصادر أن “الحلبيون” هم أول من حضّر “الكباب” – كما نعرفه – في التاريخ، وذلك بسبب نوعية اللحم الفاخر ذي المذاق المتميز، والذي يتم تربيته في مراعي خصبة تشتهر بها مدينة حلب وحماة، وهو ما كان يميزها عن مراعي الجزيرة العربية الصحراوية مثلاً، فيما كان اهتمام مصر بالنهر والزراعة، وهو ما يعضد القول بأن “الكباب” أصله شامي، لا عربي ولا مصري، ولكنه مع مرور الزمن انتقل إلى هذه المناطق.
وتعتبر مصر من أشهر الدول التي تقدم “الكباب”، ويتضح ذلك من عراقة محلات الكباب في القاهرة، والتي تعود إلى أكثر من 200 عام.
وقد استعانت مصر بالحرفين اللاحقين “جي” اللتين تعبران عن صاحب صنعة أو حرفة ما في اللغة التركية، وأضافوها لآخر كلمة “كباب”، فصارت “كبابجي”، لتدل على الشخص الذي يمتهن مهنة “شوي اللحم” أو بيعه.
كبابجي الألفي
مطعم وكبابجى ألفي بك، أسسه عبد القوي عبد ربه، في العام 1938، ويؤكد الباحث التاريخي ميشيل حنا أن المطعم أقيم على أنقاض مسرح “بريتانيكا”، الذي شهد بدايات النجم الكبير الراحل نجيب الريحاني، وكان أكبر مسارح القاهرة وقتذاك.
في عام 1918 تغير اسمه إلى مسرح تيفولي، ثم هُدم وبني مكانه مطعم الألفي.
ويقع كبابجي الألفي بالقرب من شارع عماد الدين الذي كان مشهوراً في الزمن الماضي بأنه شارع السينمات والمسارح.
كبابجي الحاتي
يقول الكاتب أحمد أمين في كتابه “قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية” إن “الحاتي” هو لقب لعائلة مصرية، اشتهرت منهم جماعة عُرفوا بصناعة اللحم المشوي على الفحم. فانتقلت الكلمة من اسم للعائلة إلى اسم للصناعة بشكل عام، وهو ما يفسر وجود أكثر من مطعم في مصر يُطلق عليه اسم “الحاتي”، بل وامتدت التسمية لتشمل محلات أخرى في بعض الدول العربية.
ولعل أشهر حاتي أو أقدمهم مطعم على حسن الحاتي بوسط القاهرة، والذي يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1926. اكتسب شهرة أكبر عندما كان الملك فاروق يأتي ليأكل هو وأصدقاءه، ما كان له أثر في أن يصبح المطعم قِبلة للمشاهير ورجال السياسة.
أما حاتي السويس، والموجود في مدينة السويس، فمشهور أنه أفضل محل يقدم الكباب خلال الفترة الأخيرة.
كبابجي البيباني
في شارع محمد علي وبالقرب من ميدان القلعة يقع كبابجي البيباني. اللافتة الموجودة على رأس المحل تشير إلى أن تاريخ تأسيسه يعود إلى العام 1802، أي قبل أكثر من 200 سنة كاملتين.
وإذا سرنا وراء المعلومة التي يؤكدها ورثة البيباني، فإن المحل قد تأسس بعد رحيل الحملة الفرنسية على مصر بعام واحد، وقبل تولي محمد علي باشا حكم مصر بثلاثة أعوام.
للبيباني أفرع عديدة الآن، ولكن أهمها يظل الفرع الرئيسي، وفرع آخر بهضبة المقطم، وفرع ثالث في منطقة حدائق القبة في القاهرة.