بعيدا عن الشهقة والطشة والتقلية التي تنفرد بها أكلة الملوخية وتعد من أساسيات نجاح طهيها وسبب رئيسي في رائحتها المميزة، إلا أنها تعرضت منذ عدة أعوام لمحاولة سرقتها وإثبات عدم مصريتها، وبالتحديد من قبل دولة اليابان، التي قامت بتسجيل الملوخية كابتكار ياباني عام 2002، غير مكترسة بالوثائق والبرديات وحوائط المعابد، التى تثبت للجميع، بما لا يدع مجالا للشك، بأن تلك النبتة مصرية مئة بالمئة، منذ أيام الفراعنة.
الملوخية.. مصرية
ولنثبت أحقيتنا في “الملوخية” أمام العالم، لابد أن نعلم من أين جاءت تسميتها بهذا الاسم؟ فهناك رواية قديمة تفيد بأن الملوخية كان يعتقد أنها نبتة سامة في مصر القديمة، ويطلق عليها خية”، حتي جاء الهكسوس، وأجبروا المصريين على تناولها، كنوع من الذل والإهانة، ليكتشفوا حينئذ، أنها نبات صالح للأكل وليس سام، كما كانوا يعتقدون.
وهناك رواية أخرى تفيد بأن أحد الأطباء وصف تلك النبتة للحاكم بأمر الله الفاطمي، أثناء مرضه، وعندما شفي قرر أن تطبخ تلك الأكلة للملوك فقط، وسميت بالملوكية، ومع مرور العصور تحولت من أكلة ملوكي إلى أكلة كل الطبقات.
الملوخية تسافر لليابان
فى الثمانيات كان هناك عالم نبات ياباني يدعى “كوسوكي إيموري”، جاء إلى مصر لدراسة اللغة العربية، وأثناء إقامته تعرف على أكلة الملوخية وأحبها، وعندما أنهى دراسته أخذ بعضا من بذورها معه، لتبدأ بذلك معرفة اليابان بتلك النبتة.
ومع قيام “كوسوكى” بعمل أبحاث عديدة على نبات الملوخية، اكتشف فوائدها المذهلة، واحتوائها على الكثير من الفيتامينات والمعادن، حتى أنه ألف كتابا عنها، ومنذ ذلك الوقت بدأت الملوخية تغزو السوق الياباني، نظراً لفوائدها المتعددة، فهي تحتوى على كمية كبيرة من فيتامين (أ) و(ب)، إلى جانب العديد من الأملاح المعدنية الهامة للجسم، كالحديد والفسفور والكالسيوم والبوتاسيوم والماغنسيوم والصوديوم، وأكثر ما يميزها أنها لا تفقد أياً من مكوناتها الغذائية وفوائدها العلاجية بالغسيل والطهو، مثلما يحدث مع أوراق نباتية أخرى عند طهيها.
ورغم أن الملوخية حديثة العهد في المطبخ الياباني، إلا أنهم ابتكروا منها أكثر من 25 صنفا، ودخلت في صناعة الكعك والخبز والمكرونات، ولم يتوقفوا عند ذلك فقط، بل قامت شركات دوائية كبرى، بصناعة كبسولات من الملوخية لعلاج السموم، ومكملات غذائية للأطفال، ومنتجات تجميلية للشعر والبشرة، حتى وصل بهم الحال لإدخالها فى الآيس كريم والعصير، وللأسف الشديد، رغم أننا أول من أكلها وصدرها للعالم، إلا أننا اكتفينا بملوخية الأرانب والجمبري والقرديحي.
وبعد تعرض “ملوخيتنا” للسرقة، ومحاولة اليابان نسبتها إليهم، سعت مصر مؤخرا للانضمام لعضوية “اليوبوف” وهى اتفاقية دولية لحماية الأصناف النباتية، فى خطوة جدية لحماية إنتاجها النباتي، وعلى رأسها الملوخية، فهل ستنتصر مصر في “معركة الملوخية”.