تتغير معايير وثقافة الأزياء لدى المجتمعات من زمن لآخر، فالزي الذي يرفضه المجتمع في وقت ما، قد يلقى رواجًا واسعًا في وقت آخر نتيجة التسويق له بشكل جديد، حيث تعتمد عملية التسويق تلك في الغالب على مشاهير السينما.
ورحلة ظهور “التي شيرت” الأبيض، خير مثال على ذلك، فقطعة القماش التي تم تصنيعها عام 1904، وتم تسويقها بشكل خاص للعزاب الذين لا يستطيعون خياطه أو استبدال الأزرار، لم تلق انتشارا وقبولا من المجتمع في بادئ الأمر، حيث كان الخروج في الشارع وأنت ترتدي التي شيرت أشبه بخروجك عاريا!
وتحت شعار “لا دبابيس، لا أزرار، لا إبر”، روجت لأول مرة شركة “كوبر” للملابس عن سلعتها الجديدة للعُزاب، ونشرت في إحدى المجلات صورة شاب مُحرج بعد انقطاع أزرار قميصه، وصورة أخرى وهو يرتدي التي شيرت الأبيض كما نعرفه حاليًا بكل ثقة.
وأُعجب بالفكرة سلاح البحرية الأمريكي، حيث قرر في العام التالي دفع البحارة لارتداء “التي شيرت” تحت بدلهم العسكرية، وسريعًا تعود الرجال عليها وشعروا بالراحة، لكن كان من غير اللائق استخدامها كثياب خارجية.
في الأربعينيات، كان لا يزال “التي شيرت” يعتبر ملابس داخلية إلا أن المراهقين في المدارس الثانوية استخدموه لإعلان استعدادهم للدخول في علاقات مع الفتيات، فكان إظهارها أسفل قمصانهم ترمز لذلك.
ولم يعترف بـ”التي شيرت” كثوب خارجي، حتى جاء وسيم الشاشة الذهبية مارلون براندو وكسر القاعدة، عندما لعب دور الشاب “ستانلي كوالسكي” في فيلم “A Street Car Named desire” عام 1951، حيث ظهر مرتديًا “تي شيرت” أبيض اللون والذي لم يكن يستخدم آنذاك سوى كقطعة ثياب داخلية، يمكن لبسها تحت القمصان الرسمية أو البحرية.
وقد شجع مظهر براندو المثير في الفيلم وطريقة لبسه للـ”تي شيرت” المميزة، الكثير من الشباب بعد ذلك لاعتماده كقطعة أزياء عصرية يمكن تنسيقها بسهولة مع أي شيء يعكس شخصيتهم.
وفي العصر الحديث أصبح التي شيرت بمثابة قطعة ملابس أساسية، وأشبه بقطعة قماش، يمكن استخدامها للتعبير عن أي شيء استفزازي، أو ساخر، أو مضحك، أو جمالي، حيث بات لها دور كبير في إيصال الأفكار الاجتماعية والسياسية.