وماذا بعد؟
من المؤكد أن هذا السؤال طُرح قديما، وها هو يطرح الآن، وقد يطرح بعد عشرات بل مئات السنين، طالما أن هناك كاميرا تصوّر، وهناك نجوم تتلألأ في سماء الشهرة الفنية والرياضية، وربما السياسية فيما بعد، وطالما هناك جمهور يرغب في الحديث عن أي شيء وكل شيء.
الأسابيع الماضية، لم يكن الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي سوى عن مايوه نيللي كريم، التي ظهرت به في صورة على موقع “أنستجرام”، وقتها قامت الدنيا ولم تجلس مرة أخرى، فانبرى دعاة الأخلاق بالحديث عن أخلاق النجمة وعن أخلاق النجمات في الوسط الفني، بل عن أخلاق الوسط الفني كله، فيما كان المدافعون عن الحرية، لاسيما “الفيمينست” منهم يتحدثون عن حق أي كائن من كان في نشر صور له، وبأي طريقة تعجبه، فيما كان مناطقة هذا العصر يتساءلون “نيللي في بحر أو في حمام سباحة.. تلبس إيه يعني؟”.
وبعد هذا الهياج والمياج، ظهرت منذ ساعات النجمة المعتزلة حلا شيحة وهي ترتدي نقابا، فانبرى دعاة الأخلاق بعباراتهم المعتادة مثل “اللهم قوي إيمانك.. هذا هو اللبس الشرعي للسيدة …. إلخ”، فيما كان أصدقاؤنا مناصرو حقوق المرأة يتحدثون عن السواد الحالك التي ترتديه وعن الهجمة المتطرفة الشرسة التي تجتاح مجتمعنا، بل وتطرقوا لحرمانية النقاب وغيرها، فيما كان منهج المناطقة واحد لا يتغير “الست اعتزلت واتنقبت.. عايزينها تلبس إيه يعني؟”.
دياب أيضا ارتدى شورتا في حفله بالساحل الشمالي، وهو أمر اعتاد عليه الهضبة منذ سنوات، إلا أن هذا الموسم كان استثنائيا، دون سبب، حيث برر عشاق الهضبة ملابسه، فقالوا إن ما ارتداه مناسب لمكان الحفل وهو الساحل الشمالي، وربما لتواجد دياب هناك منذ أسابيع شعر أن هذا ما يناسبه أكثر، خاصة وأن المتواجدون في المدن الساحلية من الشباب المصيف يفضلون دوما ارتداء هذه الثياب، وهذا رغبة منه في التشبه بهم.
وزادوا في تبريراتهم فقالوا إن “طقس الجمعة – اليوم الذي أقيم فيه الحفل – كان مرتفع في درجة الحرارة بالإضافة للمجهود الذي بذله في الغناء لمدة قاربت على الثلاث ساعات. كما أن عمرو دياب يؤكد دوما أنه يحافظ على شبابه وأن جمهوره من الشباب، فربما وجد أن هذه الثياب تقربه من الجمهور الذي يستهدفه بالإضافة لمظهرها الشبابي له بالتأكيد”.
الحقيقة أن فرق الكلام المصرية على مواقع التواصل لا تتحدث كثيرا عن عمرو دياب، لأن جمهوره أشبه بالتنين الذي يلتهم الجميع إذا ما اقترب أحدهم من “الكنز” الذي يحمونه.
بين أولئك وهؤلاء و”دوكهم”، فروق شاسعة في الاتجاه والمنطق؛ فروق شخصية وإنسانية خاصة بالنشأة والتربية والثقافة والقناعات الدينية، لذلك فالطبيعي ألا يتفقوا في وجهات النظر، وفي المباديء الحاكمة لسلوكهم الشخصي.
استقبال الصورتين المذكورتين لا يختلف كثيرا عن استقبال مثيلاتها في التاريخ، فمن المؤكد أن استقبال المصريين لتاجي مينا موحد القطرين، وهو تقليعة دمج تاج دولة الجنوب ودولة الشمال”، نفسه استقابلهم لـ”سلسلة” الراحل عبدالحليم حافظ التي ارتداها عندما غنى قارئة الفنجان، نفسه استقبالهم لبوكسر اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو في إعلاناته، رغم أنه برتغالي وليس مصري.