تعد المملكة العربية السعودية عمود الديانة الإسلامية ومنشأها، ففيها البيت الذي يحج إليه المسلمون من شتى بقاع العالم، وقد يخطر على مخيلتك بأن السعودية ليس بها كنيسة، لكن كل هذا أصبح ماضياً وخاصة بعد اكتشاف كنيسة “الجبيل” في العام 1986م.

وعثر على كنيسة “الجبيل” أثناء استخراج سيارة عالقة بالرمال في الجهة الغربية الجنوبية من محافظة الجبيل، ويعود تاريخ الكنيسة للقرن الرابع الميلادي، وتعتبر الأقدم حتى من تلك الكنائس الموجودة في أوروبا، ويُعتقد أنها كانت تنتمي للمذهب النسطوري “كنيسة المشرق”، الذى كان منتشر فى الجزيرة العربية آنذاك قبل ظهور الإسلام.

أنقاض الكنيسة تغطيها الرمال

وجد في تلك المنطقة، صحنا للكنيسة وثلاثة هياكل، ومازالت بقية الكنيسة مدفونة تحت الرمال إلا أنك تستطيع مشاهدة بقايا الأعمدة الظاهرة من مسافة قريبة، وكانت آثارها الأصليّة تشمل أربعة صلبان حجرية اختفت لاحقاً، وحاليا تقوم المملكة العربية السعودية بإحاطة المكان بسور، كما أنها رفضت إصدار أي تصاريح لزيارة الموقع أو ترميمه بسبب أعمال التنقيب عن البترول بالمنطقة.

ويذكر أيضا وجود كنيسة أخرى داخل أراضي المملكة، وهي الكنيسة البريطانية في جدة أو كنيسة جدة، وتقع في حي البغدادية الغربية بجدة غرب المملكة العربية السعودية، وبالتحديد خلف فندق الأزهر.

وكانت تستخدم قديماً من قبل البحارة البريطانيين والأوروبيين الذين كانت سفنهم ترسو بميناء جدة، حيث كان موقع الكنيسة يقع خارج نطاق مدينة جدة في ذلك الوقت، أما عن سبب وجودها إلى الآن وعدم هدمها، فيقال إن سبب ذلك يعود إلى أن الأرض والمبنى مملوكة للكنيسة الإنجليكانية البريطانية، ويحتمل أنها مملوكة من قبل الفاتيكان لذلك لا تستطيع البلدية هدمها وكذلك العكس، فالكنيسة الأم لا تستطيع ترميم المبنى الموجود لأن ذلك يتطلب تصريحاً من بلدية جدة، وهذا ما لا يمكن حدوثه بسبب منع القوانين السعودية لبناء كنائس على أرضها، لذلك بقي الوضع كما هو عليه.

وفي رواية أخرى بشأن الكنيسة البريطانية، ترجع للكاتب السعودي “محمد صادق دياب”، بأن هذا المبنى مجرد دار سكنية بُنيت في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي، وكان يملكه “محمد عبده الجهني” مدير مياة جدة آنذاك وسكنه لفترة من الوقت، قبل أن ينتقل للخواجة “ماركيز”، لتتحول من بعده إلى دار خربة بفعل السباخ” الملوحة” في تلك المنطقة، ونفى أن يكون هذا المبنى السكني كنيسة سابقة، أو أن تكون فناراً لميناء جدة، وأكدت جمعية المحافظة على التراث العمراني في لقاء نظمته عام 2012م على ذلك.

وأخيراً شهدت المملكة العربية السعودية عدة خطوات للتواصل مع العالم الخارجي ومواكبة تطوراته السريعة فى كافة المجالات، فشمل ذلك السماح للنساء بقيادة السيارة ودخول الملاعب، إضافة إلى إقامة العروض الموسيقية والحفلات الغنائية ومنح التراخيص لدور السينما، كما أنها استضافت وفداً من الفاتيكان فى منتصف العام الماضي، لتتصدر التكهنات حول إمكانية بناء كنيسة على الأراضي السعودية في ظل هذا الإنفتاح الذي تشهده المملكة، ورؤيتها الجديدة التي تنوي الوصول إليها بحلول عام 2030م.