تمكن رجال التفتيش في مطار هثرو بلندن من إحباط محاولة تهريب كنزل عراقي بابلي إلى داخل بريطانيا، وضبط المهرب، بعدما استعان أحد ضباط المطار بموقع البحث الشهير “جوجل”.

بدأت الأحداث عندما حاول أحد الأشخاص تمرير حجر كان بحوزته يبلغ ارتفاعه 30 سم، زاعما أنه حجر للزينة المنزلية مصنوع في تركيا وأن قيمته 300 ورقة نقدية من عملة لم يحددها، إلا أن أحد ضباط المطار تشكك في كلامه بسبب وزن الحجر الثقيل وبسبب النقوش الغريبة التي كانت عليه، فقام بالبحث عن هذه النوعية من الأحجار على جوجل للتأكد مما إذا كان يتم صنعها بالفعل في تركيا واستخدامها للزينة، إلا أنه وجد مفاجأة.

تقول صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن الضابط وجد صور لأحجار شبيهة عراقية أثرية اسمها “الكودورو البابلية” تعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد ويقدر ثمنها بمئات الآلاف ومكانها الطبيعي هو المتحف، حيث أنها بمثابة وثائق صدرت بتعليمات من أحد ملوك بابل، وعلى الفور اتصل الضابط بأمناء المتحف البريطاني لفحص الحجر.

وقال الدكتور سانت جون سيمبسون، أحد أمناء المتحف البريطاني، إن القطعة التي عثر عليها قطعة قيمة للغاية تستحق أن توضع في المتحف بالرغم من تعرضها للكسر، كاشفا أن الحجر يعود تاريخه إلى عهد الملك نبوخذ نصر الأول (حوالي 1126-1103 ق. م)، وهو ملك آخر غير الملك الشهير الذي يحمل الاسم ذاته نبوخذ نصر الثاني.

ويعتقد أمين المتحف أن الحجر ربما يسجل الحملة العسكرية التي قام بها الملك البابلي على مملكة عيلام في إيران الحالية لاستعادة عبادة إله الدولة البابلية “مردوخ”، لافتا إلى أن الحجر يمثل وثيقة تاريخية أساسية لحلقة غير معروفة من تاريخ بلاد ما بين النهرين، تظهر مدى حالة الاضطرابات التي كانت سائدة بين الدول المتجاورة في تلك الحقبة الزمنية.

يعود الحجر إلى فترة حكم الملك البابلي نبوخذ نصر الأول، ويقدر ثمنه بمئات الآلاف من الدولارات، فيما لايزال الجزء السفلي منه مدفونا في مكان ما جنوب العراق ينتظر من يكتشفه

ويحتوي الحجر المسماري على عمودين من النصوص المكتوبة باللغة البابلية، إلا أنه يصعب تفسير تلك النصوص بسبب تعرض الحجر للكسر وضياع الكثير من النقوش، إلا أن النص الختامي على الحجر يهدد بأن تطارد اللعنة كل من يحاول المساس بهذا الحجر الهام.

ولفت أمين المتحف البريطاني، أن هذا الحجر غير مسجل من قبل في أي متحف، ما يعني أنه جاء من عمليات تنقيب غير شرعية في موقع ما جنوب العراق، حيث يذكر النص الإله إنليل والإلهة جولا ويشير عدة مرات إلى مدينة نيبور في جنوب العراق، حيث كان إنليل هو الإله الرئيسي في تلك المنطقة، وهو ما يجعل من المحتمل جدا أن يكون هذا الحجر جاء من عمليات تنقيب مدينة نيبور أو بالقرب منها.

وبين سيمبسون أن الكثير من المواقع الأثرية في جنوب العراق تعرضت للنهب بشكل كبير بين عامي 1994 و2004، وهي الفترة التي يعتقد أن الحجر عثر عليه فيها، وهو ما يرجح أن يكون الجزء السفلي من الحجر لايزال مدفونا في مكان ما بهذه المنطقة.

ويتوقع أن يقوم المتحف البريطاني بتسليم الحجر رسميا إلى السفارة العراقية في لندن يوم 19 مارس 2019، تمهيدا لنقله إلى متحف العراق في بغداد، والذي تم ترميمه بالكامل مؤخرا وفتحه أمام الزوار.