كان الرسول صلى الله عليه وسلم، من أجمل الناس خُلقا وخَلقا، ومن فرط جماله صلى الله عليه وسلم، كان يتفاخر الصحابة والتابعين إذا ما وجد أحدهم شبها بينه وبين الرسول الكريم في الخَلق والشكل والملامح.
وحفظ لنا التراث الإسلامي وصفا دقيقا لشكل الرسول وجمال ملامحه، على لسان “أم مبعد الخزاعية” عندما أخذت تصف الرسول لزوجها عندما مر بخيمتها مهاجرا، حيث قالت: “ظاهر الوَضَاءة، أبْلَجُ الوجه، حسن الخُلُق، لم تعبه ثُجْلَة، ولم تُزْرِ به صَعْلَة، وسِيم قَسِيم، في عينيه دَعَج، وفي أشفاره وَطَف، وفي صوته صَهَل، وفي عنقه سَطَع، أحْوَر، أكْحَل، أزَجّ، أقْرَن، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البَهَاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق، فَضْل، لا نَزْر ولا هَذَر، كأن منطقه خَرَزَاتٍ نُظمْن يَتَحدَّرْن، رَبْعَة، لا تقحمه عين من قِصَر، ولا تشنؤه من طول، غُصْن بين غُصْنَيْن، فهو أنْظَر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدْرًا، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، مَحْفُود ، مَحْشُود، لا عَابِس ولا مُفَنَّد”.
ويذكر لنا التاريخ العديد من الشخصيات التي كانت شديدة الشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم، وسنذكر منها هنا 7 أشخاص أجمعت كثير من المصادر على أنهم كانوا أشد الناس شبها بالرسول الكريم على مر التاريخ:
جعفر بن أبي طالب
هو جعفر “الطيار” بن أبي طالب بن عبدالمطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشقيق الإمام علي بن أبي طالب، كان من أوائل المسلمين وأكثرهم فضلا، وكان يلقب بأبي المساكين نظرا لحبه الشديد للفقراء وأصحاب الحاجات وعطفه عليه.
استطاع الهجرة إلى الحبشة مع المهاجرين المسلمين الأوائل، وحضر فتح خيبر، وكتبت له الشهادة بموقعة “مؤتة” في العام الثامن للهجرة، وفدن على في أرض الأردن في بلدة المزار الجنوبي، وله مقام موجود حتى الآن جنوب مدينة الكرك بنحو 10 كيلو مترات.
وفي صحيح البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر: أشبهت خَلقي وخُلقي.
الحسن بن علي
هو الحسن بن علي بن أبي طالب، حفيد وسبط رسول الله سلى الله عليه وسلم من ابنته فاطمة الزهراء، ويعتقد كثير من المؤخرين أنه كان أشد أشد الناس شبها برسول الله.
لقبه الرسول بـ”سيد شباب أهل الجنة”، ويعده الكثيرون بأنه خامس الخلفاء الراشدين بعد والد الإمام عليه، وكان الرسول يحبه كثيرا ويقول “اللهم إني أحبه فأحبه”، توفي بعد تنازله عن الخلافة حقنا لدماء المسلمين، ودفن بالبقيع.
أما عن شبهه بالرسول، ففي مسند أحمد عن عقبة بن الحارث قال: خرجت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه من صلاة العصر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بليال وعلي يمشي إلى جنبه فمر بحسن بن علي يلعب مع غلمان فاحتمله على رقبته وهو يقول: (وَا بأبي شبه النبي ** ليس شبيها بعلي) قال: وعلي يضحك، وكان يُشبه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصَّدر إلى الرأس.
فاطمة بنت محمد
هي فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم من زوجته خديجة بنت خويلد، وزوجها هو الإمام علي بن أبي طالب، ووالدة الحسن والحسين.
عرفت بالبلاغة والفصاحة، وأطلق عليها الرسول لقب “أم أبيها”، هاجرت إلى المدينة وهي في الثامنة عشرة من عمرها، وكان يقول الرسول “حسبك من نساء العالمين اربع: مريم وآسية وخديجة وفاطمة”.
ويرى الكثيرون أنها كانت أشد النساء شبها برسول الله صلى الله عليه وسلم.
خليل الله إبراهيم
هو أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ولد بأرض بابل في العراق في عهد النمرود، وهو جد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وصفه الرسول بأنه “خير البرية”، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا خير البرية! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذا إبراهيم عليه السلام.
وورد في الصحيحين عن أبي هريرة ما نقله عن النبي في رحلة الإسراء والمعراج، حيث قال الرسول عندما شاهد إبراهيم: وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي، أشبه الناس به صاحبكم -يعني نفسه- فحانت الصلاة فأممتهم.
يحي بن القاسم
هو يحي بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق، أحد أحفاد الإمام علي من ابنه الحسين، لقب في حياته بـ”الشبيه” حيث اعتقد من عاصروه أنه كان شديد الشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم وبصفاته الخَلقية التي وردت في الأثر، ويلقب أحفاده حتى اليوم بـ”بنو الشبيه”.
وينقل أحفاده عن ابن النحوي قوله “كان بين كتفي الإمام يحيى شامة بها شبه بخاتم النبوة، وكان إذا دخل الحمام فنظر الناس إلى هذه الشامة التي بين كتفيه كانوا يكبرون ويكثرون من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم”.
وتذكر مصادر أنه بعدما شاع أمر الشبه بين يحيى والنبي صلى الله عليه وسلم، أرسل إليه أهل مصر وأميرهم يدعونه للقدوم إليهم والإقامة بينهم، وعندما لبى الدعوة خرج المصريون واستقبلوه بالاحتفالات، وترى الدكتورة سعاد ماهر أنه توفي ودفن في مصر.
مصعب بن عمير
هو مُصعَب بن عُمير بن هاشم بن عبدمناف، أحد كبار الصحابة ممن شاركوا في غزوة بدر، وهو أول سفير في الإسلام، حيث أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى الإسلام في يثرب بعد بيعة العقبة الأولى، وكان حامل لواء المهاجرين في غزوتي بدر وأحد.
كان يشبه الرسول في خَلقه بشكل ملحوظ، وكتبت له الشهادة في غزوة أحد، على يد ابن قمئة الليثي، وهو في الأربعين من عمره، وعندما مر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورأى جثمانه ردد قوله تعالى: “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”.
قثم بن العباس
هو قُثَم بن العباس بن عبدالمطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أدرك الإسلام وهو صغير، ولي المدينة المنورة في خلافة علي بن أبي طالبن، وخرج إلى سمرقند في أيام معاوية بن أبي سفيان، فاستُشهِد بها.
كان يُشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُروى عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه، أنه قال في حقِّ ولده قُثَم بن العباس: (حِبِّي قُثَم، حِبِّي قُثَمْ ** شَبيه ذي الأنف الأَشمّْ ** نبيِّ ربِّ ذي النِّعَمْ ** برغْم أَنفِ مَن رَغِمْ).