لا خلاف على أن كرة القدم تعتبر الرياضة الأكثر شعبية وشهرة في جميع أنحاء العالم، وبالرغم من أن السنغال تعتبر من البلدان الأفريقية القوية في مجال كرة القدم، إلا أن تلك اللعبة ليست هي الأكثر شعبية في البلد الواقع غرب القارة السمراء.

فأقصر أقصر طريق في السنغال كي تصبح أحد الأشخاص الناجحين في المجتمع، هو الاتجاه لرياضة المصارعة الأفريقية، حيث وجد فيها الشبان ضالتهم ممن لم يكن النجاح حليفهم سواء في دراستهم أو مهنتهم.

ويقبل الشباب السنغال على رياضة المصارعة، التي مزجت بين الترفيه والرياضة، بل وتعود عليهم بالشهرة والثروة أيضًا، فيهربون إليها من البطالة، ويقضون وقت طويلا في التمرين، تروادهم أحلام الثروة التي من المحتمل أن يوفرها لهم هذا الخيار.

وظهرت بواكير المصارعة الأفريقية والسنغالية منها على وجه التحديد في خمسينيات القرن الماضي، وكانت عبارة عن عراك ناعم ينتهج صرع الخصم، الذي يعتبر مهزوما ما إن تلمس يده الأرض، أو يسقط أرضا.

وانتشرت اللعبة الرياضية بين أبناء القرى الريفية والمزارع في شمال البلاد، لا سيما بين أبناء الطبقات الفقيرة، حتى أن بعض النبلاء في المجتمع السنغالي اليوم يرى في ممارستهم هذه الرياضة عيبا.

وبدأت المصارعة السنغالية تأخذ منحنى شعبي حتى أصبحت تقليديا لدى شعب “سيرير”، وتقتصر على طابع هاو تقليدي تدور بموجبه المواجهات بعد موسم الحصاد لتسد فراغ المزارعين، ثم توسعت لتصبح نزالا بين أبناء قرية معينة ضد القرية التي تجاورها، وكانت جوائزها تقتصر على “ألقابا” وبعض الملابس أو الحبوب.

ومنذ تسعينات القرن الماضي، جلب انتشار لعبة المصارعة الفرص لتحقيق ثروات هائلة وحوافز كبيرة للمقاتلين السنغاليين، التي قد تدر عليهم مئات آلاف من الدولارات عن كل مشاركة، ما حفّز الكثيرين لاقتحامها، للخروج من براثن الفقر، في دولة تعاني من تفشي معدلات البطالة بين شبابها.

ومع مطلع الألفية أصبحت “المصارعة الأفريقية” رياضة وطنية في السنغال وأجزاء من جامبيا، إذ تدر على أبطالها مبالغ كبيرة، خاصة لمن يتربعون على عرش اللعبة، أو من يصبح “ملك الحلبة” كما يسميه السنغاليون.

وارتبط فوز أبطال اللعبة ببعض الشعوذة، فالمعركة تبدأ بالرقص والغناء من طرف الأبطال ومشجعيهم، ثم يأتي دور الشعوذة من خلال بعض الشراب أو سكب الحليب على الجسم، مع تعليق الكثير من التمائم أو جزء من جلود الحيوانات أو الطيور، وهي طقوس يعتقد اللاعبون أنها سببا أساسيا من أسباب الانتصار إن لم تكن هي السبب الأول للفوز.

ويدفع المصارعون أموالا كثيرة للرجال الذين يوفرون لهم هذا النوع من الدعم الروحي ولا يوجد أي بطل لا يستخدم هذه الأساليب مهما كانت قوته ولياقته البدنية.