على بعد حوالي 100 كلم من العاصمة الهولندية أمستردام، تقف قرية حالمة هادية، يتخيل من يراها للمرة الأولى أنها من نسخ الخيال! منازلها ريفية جميلة، وتزينها حدائق خضراء وزهور شديدة السحر، وتعانقها جسور خشبية أنيقة، كما أنها بدون شوارع ولا سيارات، ويطلق عليها “جيثورن” جنة هولندا.

الحياة في قرية “جيثورن” تبدو مشابهة للقصص الخيالية، فهي تعتمد كليًا على المياه، ولا يوجد لديها طرق ولا سيارات والطريق الوحيد للوصول إلى المنازل والمباني العامة هو من خلال القنوات المائية التي تشبه الممرات المائية في مدينة البندقية أو عبور الجسور الخشبية.

ويرجع سبب تسميتها بـ”جيثورن”، لقصة قديمة عندما تعرضت القرية لفيضان هائل في مطلع القرن الحادي عشر، أودى بحياة جميع الحيوانات والماشية، حتى بدت قرون تلك الحيوانات طافية على سطح الماء، فحصلت القرية على اسم ” Giethoorn” المشتق من قرن الماعز.

وفي القرن الثاني عشر استوطن القرية مجموعة من المهاجرين من وسط أوروبا، تحولت إلى قرية جذابة ذاع صيتها منذ عام 1958م حيث كانت موقع تصوير الفيلم الهولندي الشهير فان فير.

وجميع القنوات في القرية لا يتعدى عمقها متراً واحداً، ونظراً لتداخلها فقد وُلدت العديد من الجزر أقيمت عليها بيوت سكنية أسقفها من القش، وتم ربطها ببعض عن طريق جسور خشبية جميلة، وهي أشبه بمنازل القرن الـ18، حيث يحافظ النمط المعماري لمنازل جيثورن، بجانب حدائق المنازل الصغيرة على جمال المكان وبقائه ساحرًا قدر الإمكان.

وحيث تنعدم الطرقات العادية في القرية الحالمة، يستخدم سكانها وسائل النقل المائية للانتقال بين قنواتها العديدة والمتقاطعة. ويوجد لكل بيت في القرية قارب خاص كبديل عن السيارة، أشهر هذه القوارب ما يعرف بقارب “الهمس” وسُمِّي كذلك لأنه لا يصدر إزعاجًا، حيث يعمل بمحرك كهربائي لا يعكر هدوء القرية.

وأجمل ما يجذب السياح نحو جيثورن، هو سحر الطبيعة فضلاً عن الهدوء الذي لا يضاهى رغم تدفق السياح على القرية الجميلة.

ويضطر الزوار إلى ترك سياراتهم خارج القرية ومن ثم السفر عن طريق القوارب والتي لها محركات صامتة أو سيرا على الأقدام أو على الدراجة.