لازالت القارة السمراء ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، تخبئ الكثير من أسرارها التي نكتشفها يوما بعد يوم، وهي الأسرار التي لن يكون آخرها ما عَثَر عليه فريق دولي من علماء الآثار داخل إحدى المغارات بدولة المغرب التي يعود تاريخها إلى 15 ألف سنة.

وعثر العلماء داخل المغارة على جينات ما اعتبر “أقدم إ نسان عاقل” بأفريقيا، ما يثير الجدل مجددًا حول أن أفريقيا هي الموطن الأصلي للإنسان.

وبحسب ما أعلنت عنه وزارة الثقافة المغربية، فإن الفريق العلمي أجرى أبحاثا على تسعة هياكل بشرية عثر عليها بمغارة الحمام بتافوغالت شرقي المغرب إلى جانب بقايا أثرية تعود إلى العصر الحجري القديم وخاصة الفترة المعروفة بالإيبيرومورية –حضارة عرفتها عرفها المغرب ما بين 20 ألف و8 آلاف سنة قبل الميلاد- بينت وجود روابط قديمة مع أفريقيا جنوب الصحراء وخاصة غرب أفريقيا ومع الشرق الأوسط.

وحتى عام 2017، كانت أقدم جينات في أفريقيا عمرها 8100 عام ووجدت بمالاوي، بينما تعود الجينات المكتشفة بمغارة “تافوغالت” قرب مدينة بركان (التي تبعد نحو 500 كيلومتر شمال شرقي الرباط) إلى 15 ألف عاما، وتعد الأقدم على الإطلاق في أفريقيا.

وتكمن أهمية مغارة الحمام التي وقع بها الاكتشاف الأثري، في فهم التاريخ البشري القديم بشمال غرب أفريقيا لأن الإنسان العاقل تواجد بها بشكل مستمر ولمدة طويلة منذ العصر الحجري القديم الأوسط، إلى العصر الحجري القديم الأعلى.

ومنذ حوالي 15 ألف عاما، استعمل الإيبيروموريون هذه المغارة بشكل مكثف وشرعوا في دفن موتاهم بداخلها، لذلك أكد فريق البحث أن هذا النوع من الدراسات يساهم في التعرف على القرابات التي كانت تجمع ما بين أفراد المجموعات البشرية القديمة وكذلك تحديد نوع بعض الأمراض.

وتسبب مناخ أفريقيا المرتفع في تدمير الجينات البشرية، وهو ما أعاق لسنوات أبحاث العلماء، إلا أن مغارة “تافوغالت” المتواجدة في جبل يقع على ارتفاع 720 مترًا عن سطح البحر تتميز بمناخها المعتدل والبارد نسبيا، وهو ما ساعد الفريق العلمي في الوصول للنتائج الجديدة.

ويُنظر إلى أفريقيا، وخاصة وسط شرق أفريقيا، مِن قِبَل الباحثين في المجتمع العلمي على نطاق واسع باعتبارها أصل الوجود البشري، على الرغم من أن الصحراء الكبرى قلصت أحيانا التحركات البشرية مع أفريقيا جنوب الصحراء، والأمر نفسه بالنسبة للبحر الأبيض المتوسط فيما يخص جنوب أوروبا.