القتل كفعل لا يقتضي بالضرورة وجود صفة الجريمة، إذ يمكن أن تقع عملية قتل خطأ وبدون توافر نية القتل أو تعمد إزهاق روح المجني عليه، خاصة إذا جاء بهدف الدفاع عن النفس!

ففي أحد أيام شهر مايو 1923، حاول الفرنسي بيار كيمنور الاعتداء على زوجة شريكه في العمل جيوم سيزنيك، إلا أن الزوجة دافعت عن نفسها وضربته بشمعدان على رأسه، فسقط قتيلًا، وخوفا من اكتشاف الواقعة، قامت الأسرة بإخفاء الجثة التي لم يعثر عليها لمدة 95 عامًا.

وبعد أيام من الجريمة، فتح تحقيق في أسباب اختفاء كيمنور، وبعد عام من تداول القضية في المحاكم، أي عام 1924، أصدر أحد القضاة حكما بالسجن المؤبد على جيوم سيزنيك شريك كيمنور والذي كان يعمل مسؤولا محليا في مقاطعة بروتاني غرب فرنسا، بتهمة القتل، وذلك من دون وجود أي دليل مادي.

وقد أحدثت القضية التي عرفت باسم “قضية سيزنيك” جدلا مجتمعيا واسعا حينها، وألهمت صنّاع السينما والمسرح والموسيقى والكتّاب لسنوات طويلة، وفي محاولة لكشف أسرار هذا اللغز القديم، قام دوني لانجلوا المحامي السابق للعائلة، وبرتران فيلان الذي ألّف كتاباً عن الجريمة، بعمليات حفر في منزل سيزنيك بهدف التوصل إلى كشف اللغز.

ونتيجة أعمال الحفر، عثروا على قطعة من عظام بشرية في قبو بالمنزل، كما عثر في المكان أيضا على غليون تدخين، قبل أن يبلغوا الشرطة التي انضمت إليهم وبدأت مشاركتهم في أعمال الحفر في وجود محققين، ليعثروا على المزيد من العظام البشرية.

وجاءت أعمال البحث بعدما نشرت عام 2015 شهادة لأحد أبناء سيزنيك لم يُكشف عنها من قبل. وكان عمر ذاك الابن 11 عامًا حين وقعت أحداث القضية، وتوفي عام 1982. أما الشهادة، فسجّلها عام 1978 أحد أقاربه.

ويروي الابن أنه سمع أمه تصد عنها شخصًا اسمه بيار ذات يوم من أيام شهر مايو 1923، ثم رأى كيمنور على الأرض ووالدته واقفة أمامه. وقال في شهادته: “أعتقد أنها كانت تدافع عن نفسها فضربته على رأسه”.

وأضاف الابن أن ما جرى بقي سرًا بين العائلة ولم يطلع عليه أحد غيرهم وغير عاملة في منزلهم اسمها أنجيل. وروى أنهم جميعًا أقسموا على ألا يقولوا شيئًا عما جرى.

وإذا ما تطابق تحليل بقايا الجثة مع رواية ابن سيزنيك، فإن السلطات ستجري مراجعة للمحاكمة التي جرت قبل نحو قرن لأول مرة، حيث أنه ومنذ عام 1924، قدم 14 طلبًا لمراجعة القضية كان آخرها عام 2006، إلا أنها رفضت جميعا، إلا أن العثور على تلك العظام، أصبح سببا كافيا لإعادة فتح القضية.