عرفت البشرية قديما نظام المقايضة كأقدم نظام للبيع والشراء. كأن تشتري كيلو لحم مقابل 5 كيلوات من الذرة. أو تشتري جارية مقابل قطعة أرض.
وتميز عقد المقايضة عن عقد البيع بأن عقد البيع مبادلة شيء بمبلغ من النقود وهو الثمن، أما عقد المقايضة فهو مبادلة شيء بشيء لا يكون أيهما مبلغا من النقود، فتكون المقايضة مبادلة حق بحق، أي سلعة بسلعة، أو عقار بعقار، أو طعام بطعام أو غيره من الأشياء المادية (غير النقود).
ومع تقدم الحياة عرفت البشرية نظام المال، أي أن السلعة يقابلها نقود، كأن تذهب للبائع فتشتري كيلو لحم مقابل مبلغا من المال، ويقال إن تطور النظم الاقتصادية في العالم كان بحاجة إلى منظومة “مالية نقدية” غير نظام المقايضة الذي كان معروفا في القدم.
لكن يبدو أنه كلما تطور الإنسان وكلما تطورت النظم، كان الرجوع إلى البدائية هو المشروع الأربح، فانتشار تجارة البشر والرقيق الآن، مع الظروف الاقتصادية الصعبة نتيجة ويلات الحروب في بعض المناطق، جعلتها التجارة الأولى من حيث الربحية، كذلك في الطريق ما يسمى بنظام “بيتكوين”.
عملة افتراضية
والـ “بيتكوين” عملة افتراضية، لا وجود مادي لها، وغير مغطاة بأصول ملموسة، ويجري تداولها عبر شبكة الإنترنت، ولا يصدرها أي بنك مركزي في العالم، ولا تخضع لإشراف أي جهة رقابية، ولا تتحكم فيها أي سلطة مركزية، إذ تعتمد العملة بدلا من ذلك على الآلاف من أجهزة الكمبيوتر في أنحاء العالم التي تتحقق من صحة المعاملات وتضيف المزيد من عملات “بيتكوين” إلى النظام.
حظيت العملة بشهرة كبيرة منذ إطلاقها في 2008، والتي اخترعها وصممها شخص يسمي نفسه “ساتوشي ناكاموتو” ذو هوية مجهولة، وهذه العملة الإلكترونية، تحذر منها دول العالم قاطبة، لأنها تقتل النظام الاقتصادي للدولة إذا ما ازدهرت وانتشرت، ويكفي أن نعرف ببساطة شديدة أنها مثل أسعار الذهب والبترول تتأثر بالأوضاع العالمية وبإنتاج الطاقة، (آخر سعر لوحدة بيت كوين وصل إلى أكثر من 4400 دولار، بينما السعر الأقل كان أقل من نصف دولار)، ويقال إن حجم التعامل بـ “بيتكوين” المتداول حاليا نحو 70 مليار دولار كقيمة سوقية، وفقا لبيانات “رويترز”.
يستطيع مستخدمو الـ”بيتكوين” شراء المنتجات والخدمات على الإنترنت، واستبدالها بغيرها من العملات المعروفة مثل الدولار واليورو. والكارثة أن كثير من تجار المخدرات والسلاح والآثار في العالم يستخدمونها كنظام مالي “مريح ومربح”، حيث تتميز بسهولة تحويلها بدون أي رسوم أو قيود حيث يتم تداولها بين صاحبها والتاجر الذي يشتري منه على سبيل المثال، بشكل مباشر ودون أي وسيط.
أول بورصة
في مصر زعم رامي خليل الذي يطلق على نفسه لقب مؤسس الـ”بيتكوين” المصري أن بورصة هذه العملة قد تنطلق في مصر الشهر القادم، وهو ما نفاه المستشار رضا عبد المعطي، القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، بقوله إن الهيئة لم تصدر تراخيصا لإنشاء بورصة لتداول عملة “بيتكوين” الإلكترونية في مصر، وأن الهيئة ستلاحق مؤسسيها.
وأضاف أن “وجود بورصة تتداول هذه العملة دون الحصول على التراخيص اللازمة يعد مخالفة للقانون وسيتم ملاحقة مؤسسيها قانونيا وأنه يجري دراسة ذلك حاليا”.
أما في السعودية والإمارات وباقي الدول العربية فكل المؤسسات المالية فيها يحذرون من التعامل بها لأنها باب للتجارة غير المشروعة، وتفتح الطريق لهدم النظام المالي بشكل عام، متوعدة من يروجون لها بعقاب شديد.
وأيا كانت الإجراءات التي تنوي اتخاذها مصر وتهدد بها دول الخليج، إلا أن العملة تلقى رواجا كبيرا على المستوى غير الرسمي في أمريكا والصين، فهل تتسربب شيئا فشيئا للسوق المثيل في الدول العربية، بحيث يصبح شراء كيلو اللحم بـ 2 بيتكوين؟
هذا ما سنراه خلال الفترة القادمة.
بعد 10 سنوات من التسابق.. العالم ينتظر الفائز بجائزة جوجل البالغة 20 مليون دولار