قريباً ستُنقل “مراكب الشمس” الأثرية إلى المتحف الكبير، المنتظر افتتاحه العام المقبل 2020. ولكن ما هي “مراكب الشمس”.

كل المصادر التاريخية تجمع على أن مراكب الشمس المكتشفة في مصر هي أقدم مراكب خشبية عُثر عليها في حالة حفظ جيدة بالتاريخ، إذ تعد الطريقة التي حُفظت بها تلك المراكب لما يزيد على 45 قرناً من الأمور المثيرة للدهشة والإعجاب.

ويرجع اكتشاف أول مركب من مراكب الشمس إلى العام 1954، عند قاعدة الهرم الأكبر بالجيزة بمصر، حيث اكتشف عالم الآثار المصري الراحل كمال الملاخ، حفرتين مسقوفتين، عند قاعدة هرم “خوفو” (الهرم الأكبر)، فيما عُثر في قاع إحداهما على سفينة مفككة متقنة النحت من خشب الأرز، كان عدد أجزائها 1224 قطعة، إضافة إلى خمسة أزواج من المجاديف، واثنين من زعانف التوجيه ومقصورة.

أُعيد تركيب مركب الشمس الأولى (سفينة خوفو)، نسبة إلى صاحب الهرم الأكبر والذي يعتقد أنه صاحبها وبانيها، فبلغ طولها 42 متراً.

وحكم الملك خوفو يرجع إلى عهد الأسرة الرابعة من عصر الدولة القديمة، أي أنه عاش منذ حوالى 2580 قبل الميلاد.

أما المركب الثانية، فتم اكتشافها في العام 1987، على يد عالم الآثار الألماني “هاس”، في نفس المنطقة أيضاً، وبدأ استخراج المركب الثاني في العام 2009، على يد مجموعة من الباحثين اليابانيين من جامعة واسيدا، طوكيو، بالتعاون من وزارة الأثار المصرية.

وسبب تسمية السفن المكتشفة بمراكب الشمس، هو أن تلك السفن كان يعتقد المصري القديم أن الإله (رع) إله الشمس، كان يذهب بها من أجل استعادة الحياة من الأماكن المقدسة، وهي حسب العقيدة الفرعونية، يبحر بها (رع) صاعداً إلى السماء، ثم يختفي عن الأنظار وقت الغروب، ويبدأ رحلة البحر السماوي خلال الليل، ليعود في الصباح.

كمال الملاخ

ويرتبط اسم كمال الملاخ باكتشاف أول مراكب الشمس، حيث كان بيت ومكتب الملاخ إلى جوار الأهرامات، وذات يوم وجد الملاخ طبقة من الطوب اللبن تحيط ببقايا مساكن، تشبه الأسفلت، وشرع يحفر حتى عثر على سقف حجرة، ومن ثقب صغير وجد شيئًا غريبًا أشبه بقطعة قماش شبه مثلثة، استمر فى الحفر، فإذا به يجد غرفة سرية للملك خوفو وعائلته، ومع توسيع الثقب طهرت أول هياكل مركب ضخم عُرف فى تاريخ الإنسانية.

أعلن الملاخ اكتشافه فى 26 مايو 1954، وعقد مؤتمراً صحفياً كبيراً، وأعلن عن اكتشافه الذى اهتم به العالم، وأفردت له صحف العالم صفحات وصفحات. وفى يونيو 1954، قابل الملاخ الرئيس جمال عبدالناصر، وكان ناصر مازال رئيسًا للوزراء، إذ لقى تشجيعًا كبيرًا منه، بل ووعده بزيارة الاكتشاف، وبالفعل تم هذا بحضور المشير عبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين وصلاح سالم وغيرهم، وانبهر عبدالناصر بما شاهده، وقال للملاخ: “أنت تستحق تقدير الوطن”، وفقاً لما ذكره الناقد السينمائي سمير شحاته في كتابه “الفرعون الأخير”.

ولقى الملاخ دعوة من جريدة نيويورك تايمز لزيارة أمريكا، وبالفعل طاف ولاياتها للحديث عن مراكب الشمس. كما أقيم متحف مراكب الشمس، عام 1982، وافتتحه فؤاد محيى الدين، رئيس الوزراء المصري وقتها، ووقف الملاخ فى الافتتاح يشرح اكتشافه وطريقة تجميع المراكب وترميمها بكل عشق وفخر وحب، وبعد 5 سنوات مات الملاخ فى حجرته وحيدًا.

إلى المتحف

وعن خطة نقل “سفينة خوفو” إلى المتحف الكبير تشير التقارير الإخبارية والصحفية المنتشرة إلى أنه سيتم عمل مشروع لتفكيكها ونقلها لتكون إلى جانب المركب الثانية الجاري استخراجها حالياً من خلال البعثة اليابانية، والتي تتكون من 1200 قطعة تم استخراج 970 قطعة منها وترميم 840، وسينضم المركبان فى متحف بُنى خصيصا لهما بأحدث الأساليب العلمية وطرق العرض الحديثة التى ستبهر العالم، حيث سيوضع المركب فى إطار زجاجى يحيط بهما من كل جانب وكأنهما فى طور الاكتشاف وباستخدام مؤثرات بصرية موحية أنهما تبحران نحو الشمس.