انتصرت القوات المصرية على جيش الكيان الصهيوني في حرب أكتوبر 1973، وذلك بعد عبور قناة السويس، واجتياز خط بارليف الحصين، ثم رفعت العلم المصري على الضفة الأخرى من القناة.

استردت القوات المصرية أثناء الحرب بضعة كيلومترات من أرض شبه جزيرة سيناء، وذلك قبل إصدار قرار مجلس الأمن رقم 338 والذي يقضي بوقف جميع الأعمال العسكرية بدءً من 22 أكتوبر 1973، وذلك بعد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن، والذي قبلته مصر ونفذته مساء يوم صدور القرار، إلا أن خرق القوات الإسرائيلية للقرار أدى إلى إصدار مجلس الأمن قراراً آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار والذي التزمت به إسرائيل ووافقت عليه، مع دخولها في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات الأمر الذي أدى إلى توقف المعارك في 28 أكتوبر 1973 بوصول قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال على أرض سيناء.

التواجد العسكري الإسرائيلي في سيناء كان مستمراً شرقي قوات الطوارئ، كما كانت الاستثمارات السياحية مستمرة في الجزر السياحية المصرية، وكذلك بقت مشروعات المستوطنات التي شرعت إسرائيل في بنائها بأغلب المدن السيناوية الكبرى، ومنها مستوطنة “عوفيرا” في شرم الشيخ التي كانت تتسع إلى 500 عائلة.

ويقول الدكتور قدري يونس العبد في كتابه “سيناء في مواجهة الممارسات الإسرائيلية” إن إسرائيل بين عامي 1973 و1978، أقامت العديد من المستوطنات، مثل “نيتف ها أشرة”، و”سوفا سكوت”، و”حروفيت”، و”أوجدا”، و”الطور”، و”بر أيل”، و”تل مي يوسف”، و”هوليت”، و”نير أفراهام”، و”كاديش بارتي”، و”زاحارون”، و”حروفيت”.

ولعل مستوطنة “ياميت” كانت أكبر المستوطنات التي بنتها إسرائيل في سيناء، وكانت تطل على البحر الأبيض المتوسط، وأطلقت عليها اسم “بوابة رفح” بناءً على موقعها الجغرافي.

رفع العلم المصري على أرض سيناء

في يناير 1974 تم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، والذي حدد الخط الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومتراً شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات التي سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية، وفي سبتمبر 1975 تم التوقيع على الاتفاق الثاني الذي بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة حوالي 4500 كيلو متر من أرض سيناء.

استمر الحال كما هو عليه لمدة خمس سنوات، كانت إسرائيل فيها تتواجد على جزءٍ من أرض سيناء، واستمرت مشروعاتها واستثماراتها، إلا أن مساعي الرئيس الراحل محمد أنور السادات والتي انتهت بمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 1979 أدت إلى انسحاب إسرائيلي كامل من شبة جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها المصري، ولكن وفق تسلسل مرحلي.

بدأ هذا التسلسل في 26 مايو 1979، حيث رُفع العلم المصري على مدينة العريش وانسحبت إسرائيل من خط العريش/رأس محمد، وبعدها بشهرين انسحبت إسرائيل لمسافة 6 آلاف كيلومتر مربع من أبوزنيبة حتى أبو خربة، وفي نوفمبر من 1979 انسحبت إسرائيل من منطقة سانت كاترين ووادي الطور، وتم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية.

عامان آخران كانت إسرائيل تسيطر فيهما على مدينة رفح وشرم الشيخ، حتى جاء يوم 25 أبريل 1982 وتم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء، واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً.

ويُقال إن مدينة رفح أثناء إخلائها من سكانها الإسرائيليين كانت تضم وحدها نحو 15 مستوطنة، وهي التي دمرت تماماً بعد سيطرة مصر عليها.

وخلال الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء كلها في العام 1982، تفجر الصراع حول طابا، وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا، وبالفعل خاضت الديبلوماسية المصرية حرباً شرسة لمدة سبع سنوات تكللت بالنجاح وبرفع العلم المصري على أرض طابا في 19 مارس من العام 1989، وهو اليوم الذي ظل محفوراً في وجدان جميع المصريين.