في عام 1964، ابتكر شخص يدعى “رين جوير” لعبة جديدة، باتت حديث كل مواطني الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت، وهي لعبة “تويستر” الشهيرة، التي واجهت هجوما كبيرا في بداية ظهورها، بدعوى أنها تدعو للفاحشة وتثير الغرائز.

في البداية، أطلق “رين جوير” على لعبته اسم “الملك فرتسي” إلا أن شركات الألعاب لم تقتنع بالفكرة، فقام “جوير” بالاستعانة بصديقيه “نيل رابنز” و”تشارلز فولي” اللذين ساعداه على تطوير فكرة اللعبة وتصميمها لتصبح على الشكل الذي نعرفه الآن، حيث تم تغيير اسمها لاحقا إلى “تويستر” أو “الإعصار”.

اللعبة عبارة عن رقعة بلاستيكية كبيرة، بها ست صفوف من الدوائر الملونة الكبيرة لكل صف لون مختلف، تشمل الألوان الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق. وتطلب اللعبة بشكل عشوائي من كل لاعب أن يقوم بتحريك أحد يديه أو قدميه ونقلها إلى دائرة ذات لون محدد، وهكذا كلما تقدمت في اللعبة وجدت أن وضعك بات معقدا كما في الصور المرفقة!

وتتمثل الصعوبة في اللعبة، أنه يجب أن يلعبها شخصان على الأقل، ولا يمكن لك أن تضع يدك أو قدمك عليها دائرة يقف عليها منافسك، وهو ما يتيح للطرفين التضييق على بعضهما البعض، حتى يعجز أحدهما عن تنفيذ ما تطلبه منه اللعبة فيصبح هو الخاسر.

كان الانطباع الأولي عن اللعبة، أنها تدعو للانحلال الأخلاقي وتثير غرائز من يمارسونها، نتيجة أن من يلعبها من الرجال والنساء كانوا يضطروا للاقتراب من بعضهم البعض بأوضاع غريبة وبشكل غير مألوف في ذلك الوقت بأمريكا، التي لم يكن يسمح فيها اجتماعيا للرجال والنساء بالاقتراب بهذا الشكل إلا في حلقات الرقص العامة.

ونتيجة ما أثير حول اللعبة، بدأ تجار التجزئة يرفضون شراءها أو وضعها على رفوف محلاتهم، حتى أن البعض كان يطلق عليها اسم “الجنس في صندوق”، معتبرين أنها تكسر عادات وتقاليد المجتمع، وكان عندما يفكر الآباء والأمهات بأن هذه اللعبة “الجنسية” سيمارسها أطفالهم كان يزداد الرفض التام لاقتنائها.

وبسبب تلك الانطباعات، كادت الشركة المنتجة للعبة أن تتخلى عنها بشكل تام وتوقف إنتاجها وتوزيعها، إلا أن مسؤولي الترويج للعبة، قرروا اتخاذ خطوة غير تقليدية، عندما قاموا بالتعاقد مع برنامج تلفزيوني شهير اسمه “تونيت شو”، كان يعرض في ذلك الوقت على التلفزيون الأمريكي ويقدمه “جوني كارسون”، حيث اتفقا أن يستضيف البرنامج بعض النجوم والمشاهير ويطلب منهم ممارسة اللعبة أمام الجمهور.

وفي 3 مايو 1966، فوجئ الجمهور الأمريكي بالبرنامج يقدم فقرة بعنوان “مسرحية تويستر”، دعي إليها النجمة “إيفا جابور” للعبها مع مقدم البرنامج “جوني كارسون” داخل الاستوديو.

وعلى الرغم من أن إيفا وجوني وصلا إلى وضع معقد ومتشابك أثناء اللعبة من تلك الأوضاع التي كانت سببا في رفض الجمهور لها، إلا أن المرح الذي أحدثته اللعبة أثناء ممارستها على الهواء مباشرة، أزال سوء فهم الجمهور لها والربط بينها وبين الدعوة لممارسة الجنس.

وفي اليوم التالي لإذاعة البرنامج، كان المئات من المستهلكين يصطفون أمام متاجر الألعاب بحثا عن شراء لعبة “تويستر” لتصبح واحدة من أشهر الألعاب الجماعية في أمريكا على الإطلاق، بل ورمز من رموز المجتمع الأمريكي وتقاليده، بعدما أطلق عليها “لعبة العام” نتيجة شهرتها الكبيرة والنجاح الشديد الذي حققته، ولتنتقل من الولايات المتحدة إلى العديد من بلدان العالم.