جميع الأمهات تتمنى أن ترى أطفالها أمام أعينها طوال الوقت، حتى تستطيع حمايتهم من أي شيء قد يتهددهم، ولكن هذا صعب جدا، بل ربما يكون شبه مستحيل، وتزداد معانة هؤلاء الأمهات والآباء أيضا عندما يصل الطفل إلى سن المدرسة وتصبح الساعات التي يقضيها مع الغرباء أكثر من التي يقضيها في المنزل، وكل يوم تزيد الحوادث التي نسمعها من قلقنا وخوفنا عليهم.

البعض قد يلجأ للتحقيق مع الطفل واستجوابه يوميا خوفا من أن يكون قد تعرض للعنف أو الأذى في الفترة التي قضاها خارج المنزل سواء في الفصل أو المدرسة أو في طريق رحلته ذهبا وعودة، فالعالم مليئ بالمخاطر وخاصة على الأطفال.

ولكن جميع الدراسات أثبتت أن استجواب الأطفال أمر غير صحي إطلاقا حيث أنه يُشعر الطفل بالخوف والقلق وقد يدفعه للكذب في أغلب الأوقات، إضافة أن كثيرا من الأطفال تمتنع عن الحكي وهذا يزيد قلق الأهل، أما في حالة استجابة الطفل وقيامه بحكي كل شيء، فهذا يترك أثرا سيئا في شخصيته، ليتحول مع مرور الوقت إلى شخص غير قادر على اتخاذ أي قرار دون الرجوع للآخرين، وهو ما لا نتمناه لأطفالنا.

لذلك وجد العلماء أن دفع الطفل للتعبير عن الأشياء التي تحدث له في المدرسة سواء كانت جيدة أو سيئة بشكل غير مباشر هو الطريقة المثلى، ومن هنا تعرض الدكتورة منى يسري استشارية طب نفس الأطفال والعلاج باللعب، لعبة بسيطة تمكن الآباء والأمهات من معرفة ما يحدث في المدرسة لأطفالهم كل يوم بشكل غير مباشر ومن الطفل نفسه.

وتطلب هذه اللعبة، إحضار لوح كبير من الكارتون، ثم تقوم الأم برسم خريطة بسيطة للمدرسة وتضع بها الأماكن التي يذهب إليها طفلها أو يذكرها باستمرار مثل (أتوبيس المدرسة – غرفة الرسم – الفصل – الفناء – الحمام).

ثم تحضر الأم بعض العرائس وتطلب من الطفل أن يطلق عليها أسماء يختارها، فقد تجده يطلق على إحدى العرائس اسم معلمته أو أحد أصدقائه أو أحد العاملين في المدرسة، وهكذا حتى يسمي 5 عرائس على الأقل، ويمكنك أن تضم الأم للعبة عنكبوت أو ثعبان بلاستيك أو أي لعبة أخرى، أو ربما حلوى.

بعد ذلك، تبدأ الأم في اللعب بمشاركة الطفل، وتطلب منه أن يحرك الأشخاص كما يشاء على الخريطة، وستجد أنه يكرر جمل سمعها في المدرسة من هؤلاء الأشخاص الذين أطلق أسمائهم على العرائس.

وستجد الأم أن الطفل مثلا يحرك الحلوى إلى الأماكن التي يحبها، بينما سيضع الثعبان أو العنكبوت في المكان الذي يخاف منه، وتقوم الأم بممارسة هذه اللعبة مع طفلها كل يوم، حتى إذا ما وجدته يقول كلام سلبي سلبي أو بذيء أو يقوم بعمل شيء مخيف في اللعبة، فلا يجب على الأم معاقبته، بل عليها أن تعي أن الطفل تعرض لعنف ما، وهنا عليها أن توقف اللعب وتتوجه بالطفل إلى أخصائي علاجي فورا، ولا تحاول أن تعالج الطفل بنفسها أبدا حتى لا تزيد الأمر تعقيدا، أو يلحظ الطفل علامات الغضب على وجه أمه فيقرر ألا يخبرها بأي شيء خوفا منها.