العلم حلم لا حدود له، دائما ما يغري أصحاب الخيال الواسع بالبحث وراء المستحيل وغير الممكن، ولا نهاية لتلك المساعي، فدائما يوجد مستحيل يسعى وراءه شخص ما.
إلا أن هذه الأحلام قد تتحول إلى كوابيس في بعض الأحيان تقضي على أصحابها، وهو ما تجسده بعض الاختراعات العلمية التي كان يسعها من ورائها أصحابها إلى تحقيق ما كان يعتقد في أزمانهم أنه مستحيل، قبل أن تتسبب اختراعاتهم في نهاياتهم المأساوية، حتى أن بعضهم قام بتسجيل حوادث مقتلهم عبر مقاطع فيديو معتقدين أنهم يسجلون نجاح إنجازاتهم العلمية!
ونستعرض في السطور التالية، قصص 10 مخترعين، تسببت اختراعاتهم في مقتلهم، بعض هذه الاختراعات كان ضربا من الجنون حينها، وبعضها تحقق بالفعل بعد سنوات، إلا أن الحظ لم يمهل أصحاب تلك الاختراعات ليروا نتائج إنجازاتهم.
فرانز رايشلت
يمكن وصف فرانز رايشلت بأنه كان شخصا “غبي” بالفعل، ولم يكن أبدا من المخترعين، فقد اعتقد أنه قادر على الطيران عبر التحليق بمعطف!
كان رايشلت يعمل خياط للوازم الطائرات، وبسبب مهنته تلك قرر أن يبتكر طريقة أسهل وأخف وأقل تكلفة للطيران، فاعتقد أنه ابتكر “معطفا” أشبه بالمظلة يمكن أن يحلق من يرتديه في الهواء.
ولكي يثبت نجاح اختراعه الغريب، أقنع حراس برج إيفل بالسماح له بالصعود والقفز من فوق البرج، بعدما دعا العديد من الصحفيين ليشهدوا هذه القفزة التاريخية، وهي الواقعة التي تم تصويرها بالفيديو.
وبعدما اجتمع الصحفيون والعديد من أهل باريس لمشاهدة هذ الحدث، قفز المخترع المتحمس، ليسقط مباشرة أسفل البرج دون أن يطير ولو سنتيمتر واحد، ليلقى مصرعه في الحال.
وان هو
بالرغم من أن الإنسان لم ينجح في الصعود إلى سطح القمر إلا في ستينيات القرن الماضي، إلا أن حلم السفر إلى القمر يبدو أنه قديم قدم القمر نفسه.
وتسجل لنا بعد المصادر التاريخية محاولة قام بها مخترع صيني يدعى “وان هو جين تاو” في القرن السادس عشر، بهدف الوصول إلى القمر.
وتحكي قصة “وان هو” الذي كان يعمل في منصب رسمي، أنه حاول إطلاق نفسه إلى القمر عبرر ربط 40 صاروخا بكرسي كان يجلس عليه، وقام بإشعال الصواريخ جميعا في وقت واحد.
وتقول المصادر أن من شهدوا تلك التجربة، قالوا إنه عقب الإشعال حدث انفجار كبير ودخان كثير، وبعد دقائق من انقشاع الدخان وجدوا أن الكراسي اختفت، كما اختفى “وان هو” أيضا ولم يعثر أبدا عليه مرة أخرى.
والأثر الوحيد الباقي من هذه الواقعة، هي حفرة موجودة في أحد المدن الصينية يطلقون عليها “حفرة القمر” حيث يقال إنها الحفرة التي خلفها انفجار الصواريخ، إلا أن البعض يشكك في القصة برمتها، ويقول إن “وان هو” شخص وهمي ولم يجد أبدا، وأنها ربما كانت قصة خيالية من التراث الشعبي ليس لها سند من الحقيقة.
أبو النصر الجوهري
كان أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري عالما لغويا يعيش بالعراق، وبالرغم من ذلك، قرر إذ فجأة أن يخوض تجربة الطيران، مسجلا أول محاولة معروفة في التاريخ للطيران عام 1008، والتي انتهت بمصرعه.
وذكر قصة هذه المحاولة “ياقوت الحموي”، حيث يقول إن الجوهري فجأة “اعترته وسوسة” وقام إلى الجامع القديم في نيسابور، وصعد إلى سطحه، وقال “يا أيها الناس إني عملت في الدنيا شيئا لم أسبق إليه فسأعمل للآخرة أمرا لم أسبق إليه”.
وقام الجوهري بابتكار جناحين له أشبه أجنحة الطيور، حيث يقول الحموي إن الجوهري وضع على ذراعيه مصراعي باب وربطهما بحبل، وتضيف بعض المصادر أنه غطى هذه الأبواب بريش للطيور، وصعد إلى أعلى نقطة في الجامع، وزعم أنه يطير فوقع فمات.
وتخليدا لهذه الواقعة، رسم له لوحة من الفيسفساء ووضعت على أحد حوائط الجامع القديم بنيسابور، تسجل محاولة طيرانه.
لي سي
الاختراع هذه المرة هو اختراع مختلف، حيث لم يفض إلى التسبب في مقتل مخترعه فقط، بل هو في الأصل كان أداة للقتل!
كان “لي سي” في العشرينات من عمره في نهايات القرن الثالث قبل الميلاد، وكان مقربا من أحد أباطرة أسرة تشين الصينية، وبسبب ذكائه تم تعيينه في منصب يعاد رئيس الوزراء حاليا.
وعندما تولى المنصب، اخترع “لي سي” اختراعا لتعذيب وقتل أعداء الإمبراطورية عبارة عن كرسي أسماه “الآلام الخمسة”، وبواسطة هذا الكرسي يقوم بتشويه الوجه وقطع الأنف وقطع الأرجل والإخصاء وأخيرا الموت بالخازوق.
إلا أن المفارقة، أن الإمبراطور انقلب على “لي سي” إذ فجأة وأقاله من منصبه وقرر أن يطبق عليه الاختراع الجديد “الآلام الخمسة” ليلقى “لي سي” مصرعه وهو لم يتجاوز الـ27 من عمره!
ماكس فالير
كان ماكس فالير عالم صواريخ نمساوي، اخترع الصواريخ الصلبة والسائلة التي تعمل بالوقود.
ونظرا لنجاحه بعلم الطيران، اعتقد فالير أنه قادر على اختراع سيارة صاروخية تسير بسرعات عالية.
وبالفعل استطاع أن يبتكر سيارة تصل سرعتها إلى 250 ميلا في الساعة، وفي محاولة منه للحصول على نتائج أفضل، قرر فالير تجربة الكحول باعتباره قابل للاحتراق كوقود للسيارة حتى يرفع من سرعتها أكثر.
وعندما بدأ فالير تجربة الكحول على محرك السيارة داخل معمله، انفجر كل شيء مما أدى إلى احتراق كامل الورشة ومقتل فالير نفسه.
ماري كوري
كانت ماري كوري كيميائية وفيزيائية بولندية، وكانت رائدة في البحوث المتعلقة بالنشاط الإشعاعي، وهو ما كان سببا في حصولها على جائزة نوبل مرتين، كما ينسب إليها الفضل في اختراع التصوير الإشعاعي أو الأشعة السينية.
إلا أن كل هذه الإنجازات العلمية لم تحم كوري من غضب العلم، حيث توفيت في 14 يوليو 1934 في مصحة فرنسية بسبب فقر الدم الذي سببه لها التعرض لفترة طويلة للإشعاع، حيث اعتادت أن تحمل أنابيب اختبار البلوتونيوم في جيوبها دائما.
أوريل فلايكو
كان أوريل فلايكو مخترعا رومانيا، وتمكن من ابتكار نماذج متطورة من الطائرات والتي أطلق عليها أسماء “فلايكو 1 و2 و3″، كما تمكن من تحقيق العديد من الأرقام القياسية في وقته، مثل أعلى وأطول وأسرع الرحلات الجوية.
إلا أنه في يوم الجمعة 13 سبتمبر 1913، خالف الحظ فلايكو عندما حاول أن يقوم بأعلى رحلة طيران على الإطلاق عبر عبوره قمم جبال الكاربات بطائرة من اختراعه، إلا أن الطائرة سقطت به ليلقى مصرعه في الحال، فيما لم يتمكن العلماء حينها من تحديد سبب الحادث بشكل واضح.
هوراس لوسون هونلي
كان هوراس لوسون هونلي من أوائل العلماء الذين عملوا على اختراع الغواصة، وبالرغم من أنه حقق تقدما ملحوظا في ابتكار هذه الآلة، إلا أن تجاربه كانت تنتهي بشكل مأساوي عادة، حيث تسبب أول نموذج من اختراعه للغواصة، في مقتل سبعة بحارة كانوا داخلها تحت الماء.
وبالرغم من ذلك، استمر هونلي في تجاربه، وبعد عدة أبحاث خرج بنموذج محسن للغواصة، وقرر أن يخوض التجربة بنفسه حتى يشجع البحارة على المشاركة، وفي 15 أكتوبر 1863، قام هونلي باختبار الغواصة قبالة ساحل تشارلستون بكارولينا الجنوبية، إلا أنه فشل في الصعود بها إلى سطح الماء ما تسبب مجددا في مقتل الطاقم بالإضافة إلى هونلي نفسه.
لويس سلوتين
كان لويس سلوتين هو الفيزيائي النووي الأمريكي الذي عمل على مشروع مانهاتن بعد الحرب العالمية الثانية.
وأثناء ما كان سلوتين يواصل تجربة البلوتونيوم، تسبب عن طريق الخطأ بانشطار أصدر موجة قوية من الإشعاع، وفي تلك اللحظة أدرك سلوتين خطورة ما قام به، فأسرع وقام بتغطية المواد المشعة بجسدة حتى يمنع انتشار الإشعاعات، وهو ما تسبب في وفاته في 30 مايو 1946 بعد أسبوعين من ذلك الحادث.
توماس أندروز
توماس أندروز هو المهندس المعماري البحري الرئيسي لسفينة التيتانيك الشهيرة، لذا كان حريصا على مرافقة السفينة في أولى رحلاتها البحرية.
كان أندروز على علم بضعف التيتانيك في المياه المحملة بالثلج، لذا دعا أثناء بناء السفينة إلى أن تكون ذات هيكل مزدوج ومجهزة بـ40 قارب للنجاة بدلا من 20، إلا أنه لم يلتفت إلى نصائحه بسبب التكلفة الزائدة التي كانت ستشكلها تنفيذ تلك النصائح.
وعندما تعرضت التيتانيك للاصطدام بجبل الثلج، وبدأت بالغرق في 15 أبريل 1912، ساعد اندروز بشكل بطولي العديد من الناس في الصعود إلى قوارب النجاة، شوهد آخر مرة في صالة التدخين من الدرجة الأولى وهو يبكي حزنا على اختراعه الذي كان ينهار، ولم يتم العثور على جثته أبدا.