في نهايات عام 1919، وافق الكونجرس الأمريكي على قانون يحظر شرب وبيع ونقل وتصنيع المشروبات الكحولية والإتجار فيها، حيث أعلن الحكومة الأمريكية وقتها أنها تقدمت بهذا المشروع بهدف حماية الأمريكيين، ولم تكن تتوقع ردود الأفعال الغاضبة ولا النتائج الطويلة الأمد التي ظهرت على مدى عدة سنوات وكانت سببا في اضطرارها لإلغاء القانون.
ردود الفعل
أثار القانون جدلا واسعا في الأوساط الأمريكية، وبالرغم من أن المجتمع انقسم حول القرار، إلا أن الرافضين له كان لهم الصوت الأعلى.
ففي الوقت الذي اعتبر فيه مؤيدو القانون أنه بمثابة “انتصار” للأخلاق الحمدية، اعتبر المعارضون له أنه يفرض توجيهات دينية وأخلاقية على أبناء الولايات المتحدة.
وبالرغم من انخفاض استهلاك الكحول إلى النصف في الولايات المتحدة عقب فرض القانون، إلا أن ذلك كان له نتائج عكسية، حيث كان سببا في ظهور السوق السوداء بمعناها الحالي لأول مرة، وظهرت الجريمة المنظمة بشكل غير مسبوق، وانتشر مع بيع الكحول المهرب المحظورات الأخرى مثل العقاقير الممنوعة والمخدرات، وبدأت تظهر العديد من التجمعات والعائلات التي وجدت بيئة خصبة في تلك الظروف لممارسة أنشطتها خارج إطار القانون، مثل زعيم المافيا الشهير آل كابوني.
الحكومة تسمم الشعب!
إلا أن الحكومة الأمريكية لم تستسلم بسهولة لردود الأفعال المناهضة تلك، ولكن يبدو أنها فقدت صوابها عندما اكتشفت أن القرار كان سببا في انتشار الرشاوى بين موظفي الحكومة المكلفين بمتابعة وتنفيذ الحظر، وتورطهم في عمليات البيع بالسوق السوداء، لذا اتخذت الحكومة حينها واحدا من أغرب القرارات التي مرت عليها طوال تاريخها.
ويقول موقع “Bravotv.com”، أن الحكومة قررت وضع حفنة من السم شديد المفعول في شحنة كحول كانت تعرف أنها ستتجه للبيع في السوق السوداء، وكان الهدف من ذلك هو دفع الناس للابتعاد عن الكحول بعد تضررهم من شربه، وبالفعل أصيب الكثير من الناس بآلام مميتة وحالات تسمم وصلت إلى إصابة البعض بالعمى من وراء هذه المؤامرة الحكومية.
ويضيف الموقع أن الحكومة الأمريكية لم تعترف بفعلتها إلا بعد سنوات طويلة جدا من تلك الواقعة، حيث ذكرتها في إحدى المناسبات باعتبارها “حيلة ناجحة”، مؤكدا أن الحكومة لم تشعر بالخجل من هذه الجريمة ولم تلتفت لعدد الضحايا ولم تلتفت لعدد الضحايا الذين امتلأت بهم المستشفيات في تلك الفترة بحالات تسمم غير معلومة السبب.
إلغاء القانون
في عام 1933، وجدت الحكومة الأمريكية أن استمرار الحظر لم يعد في صالح الولايات المتحدة، وأن نتائجه السلبية أكبر من أي نتائج إيجابية كانت تروجها من وراء هذا القانون.
لذا وبعد ما يزيد على 13 عاما على الحظر، وافق الرئيس الأمريكي روزفلت على قانون جديد يسمح بصناعة وبيع النبيذ والبيرة منخفضة الكحول، ويلغي القانون القديم، وتم التصديق عليه من قبل الكونجرس في العام ذاته، حيث عملت الاحتفالات مختلف الولايات الأمريكية.