في بداية الخمسينيات انتشر خبر في كل الصحف والمجلات قاطبة عن محاولة رجل لشرب “نهر النيل”، وبالفعل استطاعت الشرطة وبكل تجهيزاتها الممكنة في هذا الوقت إلقاء القبض على هذا الشخص.
المدهش أن عناوين الأخبار التي تناولت الموضوع جاءت في شكل واحد تقريبا، على شاكلة “إلقاء القبض على رجل شرب (نهر النيل)”، و”الرجل الذي شرب (نهر النيل)”، وكأن من الطبيعي أن يشرب رجل مياه نهر النيل.
اندفعت العيون دفعا إلى صميم الخبر تتلقاه سطرا فسطرا لتكتشف في النهاية أن هناك صنفا من المخدرات سمي وقتها باسم “نهر النيل”.
في إحدى المجلات الصادرة في يونيو 1952 كان نص الخبر كالتالي: “جلست تستمع إليه مضطرة، فهي تنفر منه، لكنها لم تملك منه فكاكا، فهي راقصة ضعيفة تسعى إلى الرزق، أما هو فمن أولئك الذين يفرضون إرادتهم على من هم أضعف منه. قال لها إنه سيشرب بعد أيام نهر النيل وإن هذه العملية ستعود عليه ببضعة أرقام يضيفها إلى مجموع ثروته، ورأت الراقصة أن الفرصة سنحت لها لكي تنتقم من الرجل الذي يمعن في إذلالها بسيف المعز وماله، فاتصلت برجال البوليس وأبلغتهم أن ظالمها يريد أن يشرب نهر النيل!”.
وأضاف الخبر “وترصد البوليس خطوات شارب النهر، وعرف عنه كل شيء، وفي مساء ذات يوم، كان أحد الزوارق الشراعية يلقي مرساته وسط نهر النيل وعليه نفر يؤمنون بفكرة (الانسجام)، وبدأ الرجل يشرب (نهر النيل)، عندما أطبق لنش البوليس على المركب الشراعي وراكبيه، فلما تنبه إليهم، حاول أن يبتعد ولكنهم لم يمكنوه من ذلك، فألقوا القبض عليه وصادروا (نهر النيل)”.
حتى الآن الأمر يبدو من الخزعبلات والأوهام والأساطير، إلا أن كاتب الخبر في آخر سطر فيه بدأ يكشف حقيقة “نهر النيل” فقال “ولم يكن (النهر) سوى اسم بضاعة جديدة من المخدرات، وأطلق عليها اسم (نهر النيل)”.
يذكر أن مسألة إطلاق أسماء شهيرة على أصناف المخدرات أمر شائع للغاية في مصر، ويختلف باختلاف الزمن ومشاهيره، ففي خلال السنين العشر الأخيرة أطلقت أسماء بعض الفنانين على أصناف من الحشيش، ومنها “نانسي” نسبة إلى المطربة نانسي عجرم، و”هيفا” نسبة إلى النجمة اللبنانية هيفاء وهبي، فيما أطلقت سابقا أسماء ذات صبغة سياسية مثل “إف 16″ و”صدام” على أنواع من الحشيش، في حين تبدو أسماء كـ “صرخة أنثى”، و”حضر كفنك” عديدة ومتغيرة بتغير الصنف.