يبدو أن في كل زمان إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، شكوى مستمرة حول الأجيال الجديدة، من أنها أجيال “بلا ثقافة، منحلة، خاوية العقل والفكر”!

وتمارس الصحافة دائما دور الشكوى والتحذير، فنجد ذلك في الكثير من المطبوعات والدوريات في البلاد العربية، بلا استثناء، إلا أن ما وجدناه في عدد 2 يونيو من مجلة “الاثنين والدنيا” من العام 1952 غريب حقا ويثير الدهشة.

تحقيق كبير مذيل بحرفين (ح.م)، ربما يكون الكاتب الكبير حسين مؤنس، الذي كان من ضمن هيئة تحرير المجلة في ذلك الوقت، وربما يكون شخص غيره، إلا أن ما ورد في التحقيق كان مدهشا، لاسيما في رصد مظاهر الانحلال التي حذر منها الكاتب.

أول هذه المظاهر هو “الدلع” الذي كانت تطلقه الأسر على أبنائها، فيقول “لقينا في كل منزل زرناه عشرات الصبيان والبنات، كلهم تلاميذ في المدارس الابتدائية والثانوية، وأول ما يفاجئك في وضع الصبي في البيت مظهر من التدليل الفارغ الذي لا يدل في الواقع على تقدير الصبي أو لمستقبله أو لشخصيته، فهم لا ينادون محمد إلا بميمي، وسعيد إلا بسوسو، وفؤاد فوفو، كأن الصبيان قطط مدللة”.

ويقول الكاتب في موضع آخر “رأيت رجلا يفخر أن ابنه ينجح كل عام دون مذاكرة أصلا، فقلت له (إذن هو ينجح بالغش)، فضحك وقال (بالغش مش بالغش أهو بينجح والسلام)”.

أما عن المظهر الثالث من مظاهر الانحلال الذي يسوقه الكاتب في تحقيقه هو الخاص بثقافة الطلاب، حيث أجرى ما يشبه باستطلاع للرأي لبعض الطلاب كانت نتيجته “مخجلة حقا” على حد تعبيره، فقال “12% فقط عرفوا أن رئيس وزراء مصر هو دولة الهلالي باشا، و2% فقط عرفوا أن الطائرة تتحرك بالبنزين، و60% قالوا إنها تطير بالكهرباء، و60% قالوا إن رمسيس حكم مصر من 200 سنة، و50% قالوا إن سوريا تقع غرب مصر، و80% لم يعرفوا القطر الذي عاصمته دمشق”.

ويؤكد كاتب التحقيق الذي حمل عنوان “انقذوا هذا الجيل”، أن هؤلاء الطلبة يكرهون ويحتقرون المدرسة، ومستواهم في كل شيء مخجل، وخصوصا في اللغة العربية التي يرى الكاتب أنه نفس مستوى رجل الشارع الأمي.

النتيجة كما يخلص الكاتب أن هذا الجيل “مواليد الأربعينيات مثلا” ضائع وتعيس ومسكين ويخرج إلى الحياة العملية دون تعليم أو تربية أو توجيه، ويلقي الكاتب بالمسؤولية على الآباء والأمهات.