اشتهرت كوكب الشرق أم كلثوم، بين أصدقائها ومعارفها، بأنها “صاحبة قفشات”، حيث اعتاد أن “تقلش” على أصحابها في كل موقف رأت أن لديها تعليق مناسب عليه، بالإضافة إلى مقالبها الشهيرة التي كانت “تشك” بها معارفها بين الحين والآخر، والتي كان القسط الأكبر من هذه المقالب من نصيب الملحن محمد القصبجي.

وبالرغم من أنه يوجد ملاحظات كثيرة على “قلش الست” وهل كان حقيقة يثير ضحك من حولها، أم أنهم كانوا يجاملون كوكب الشرق، إلا أن ذلك لم يمنع مجلة “الاثنين والدنيا” من أن تنشر تقريرا عن أطرف “قلشات” أم كلثوم، والتي رأى محرر المجلة حينها أنها قلشات “تفطس من الضحك” وتستحق أن تنشر لتعم البهجة على جميع عشاق أم كلثوم!

ففي شهر يونيو عام 1949، نشرت المجلة تقريرا بعنوان “اضحك مع البلبل العليل”، وكان المقصود بكلمة “العليل” هنا، هو الإشارة إلى إصابة أم كلثوم بمرض في إحدى عينيها، تسبب في امتناعها عن إقامة حفلاتها الغنائية.

وقال المحرر في مفتتح التقرير “إن أم كلثوم، بلبل الشرق الصداح، وإن كانت احتجبت عن جمهورها المفتون بفنها، للمر الطارئ الذي ألم بعينها -عجل الله لها بالشفاء- إلا أن خفة روحها لم تحجب قط عن خاصتها.. وهذه طائفة من أحدث قفشاتها”.

ثم سرد مجموعة من “القفشات” التي عنون كل واحدة فيها بعنوان قصير من كلمة واحدة، معتمدا على إنها “قلش” يموت من الضحك! فجاءت قفشات الست كالتالي:

مايختشيش!

كان الأستاذ أحمد رامي يزورها فقال لها إن الأستاذ حسين شوقي -نجل أمير الشعراء أحمد شوقي بك- يريد زيارتها من زمن، ولكنه “بيختشي”.. فما كادت أم كلثوم تسمع هذا حتى قالت لرامي: طيب ما يدور على واحد زيك “مايختشيش” ويجي معاه!!

حافي!

وحدث أن شاهدت أحد الهبلوانات يسير على رأسه فأعجبت به، ولما اقترب منها لاحظت أن رأسه معفر بالتراب، فقالت له: أنت بتمشي على راسك كويس.. بس ما تبقاش تمشي حافي، شوف لك برنيطة ألبسها!!

أربعين ميت!

وكان أحد الملحنين يصاحبها في سيارتها، حينما مرت بسرادق مقام في طريق منزله، فسألته عن سببه، فقال: ده “أربعين” ميت.. فقالت مندهشة: يا خبر اسود.. والأربعين ميت دول من بيت واحد!!

كان تايه!

وشكت إحدى الصديقات من أن زوجها تأخر ذات ليلة حتى الصباح، ثم عاد وهو متعب جدا، فأخذت أم كلثوم تهدئ ثورتها، وتقول: ما علهش.. يمكن كان تايه!

انقرص!

وتكره أم كلثوم أن يغتاب أحد الفنانين زميلا له، وقد سمعت أحدهم يذم صاحبه، فييقول عنه إنه “زي التعبان يقرص ويلبد”.. فقات له: أنت لازم انقرصت في لسانك؟!

بمحراته!

والتقت بصديق من هواة الموسيقى، له عود ضخم يستصحبه دائما ويؤذي بأنغامه السامعين.. فدعته إلى زيارتها، ولكنها قالت له وهي تشير إلى العود: بس أوعى تيجي “بمحراتك”!

وبعد ما قرأت هذه “القلشات” و”القفشات” التي كانت تعتبر من النوادر المضحكات المبهجات في أربعينيات القرن الماضي، هل تعتقد أن كوكب الشرق كان “دمها خفيف” فعلا ولها قلشات تضحك كما كانت تروج الصحافة في تلك الأيام، أم أن الموضوع كان مجرد رغبة في الكتابة عن الست، حتى ولو كان مجرد “قلش رخيص”؟!