يزخر التاريخ الإسلامي بالعديد من الحوادث غير الموثقة، لعدد من الأسباب، أولها حدوث كثير من التقلبات السياسية، والتي يصاحبها عادة محاولات محو أو تشويه لعصر ما أو ثورة تنقلب فيها الأوضاع رأسا على عقب، وثانيها الضعف في عملية التوثيق خلال عصور بعينها، وثالثها كثرة المرويات والطرائق التي يسوقها المؤرخون في كتبهم الكبرى.

من هذه الحوادث غير الموثقة، حادث دفن رأس سيد شباب أهل الجنة، الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما)، والذي ثبت مقتله ودفن جسده في مدينة كربلاء العراقية، لكن مكان دفن رأسه الشريف، والذي فُصل عن جسده خلال المعركة التي ارتكبها جيش يزيد بن معاوية، تظل أحد الألغاز التاريخية.

بعض المؤرخين يؤكد أنها في البقيع بالمدينة المنورة، والبعض الآخر يرجح أنها دفنت مع الجسد في كربلاء، في حين يقول آخرون إنها مدفونة في عسقلان، بينما يروي الكثيرون أنها بعد دفنها في عسقلان جاءت إلى مصر، ومدفونة في المشهد الحسيني الشهير بالقاهرة.

وهناك رواية أخيرة تشير إلى أن رأس الحسين اختفت في زمن الخلافة الأموية إثر نبش قبره بعد فترة من مقتله.

الحيرة الكبيرة في لغز مكان دفن رأس الحسين (عليه السلام) رسخها تعدد المشاهد أو المساجد التي تحمل اسم الحسين في البلاد العربية والإسلامية:

تركمانستان

في مدينة “مرو” التركمانية مسجد يسمى باسم الحسين، وقيل إن رأس الحسين رضي الله عنه مدفونة فيها، ولكنها رواية تبدو ضعيفة ومهلهلة، وصاحبها هو النويري المصري مؤلف كتاب “نهاية الأرب في فنون الأدب”.

سوريا

في حلب مشهد حسيني يقع وسط جبل جوشن، وبني في أيام الملك الصالح ابن الملك العادل نور الدين.

أما في دمشق فمشهد آخر مسمى بـ”الحسين”، ويقع في صحن المسجد الأموي، وكتب عنه كثير من المؤرخين، مؤكدين أن رأسه الشريف موجودة فيه عند باب الفراديس.

وقيل أيضا إنه عندما جاءت الدولة العباسية حمل عظم الحسين ورأسه من هذا المكان ليدفن إلى جوار أخيه الحسن في المدينة المنورة بالحجاز.

العراق

في كربلاء مسجد كبير اسمه “الحسين” وهو المسجد الذي قيل إن جسد الحسين رضي الله عنه مدفون فيه، والبعض يشير أيضا إلى أن رأسه مدفونة مع جسده.

فلسطين

في كتاب “مسالك الأبصار” لابن فضل الله إشارات عديدة وأكيدة إلى أن رأس الحسين مدفونة في مدينة عسقلان، وأقيم أعلى مكانها مسجد كبير سمي بالحرم الحسيني، ومن ثم نقلت إلى مصر.

مصر

بعيدا عن الأساطير العديدة التي قيلت في وصول رأس الحسين إلى مصر، ومنها أسطورة أن الرأس وصلت طائرة، فإن الرواية التاريخية الأشهر تقول إن الرأس الشريف وصل إلى مصر قادما من عسقلان، بعدما فضل أهل عسقلان نقله إلى القاهرة حماية له من عبث الصليبيين الذين كانوا قد اقتربوا من عسقلان في ذلك الوقت، وكان ذلك في عهد الدولة الفاطمية، حيث دفنت الرأس داخل مشهد صغير أقيم خصيصا لها داخل القصر الشرقي الكبير الذي كان مطلعا على شارع المعز حينها، وهو موضع مسجد الحسين حاليا.

إلا أن هناك الكثير من النظريات التاريخية التي تضعف هذه الرواية لعدة أسباب، أهمها أنه كثر ظهور مشاهد آل البيت المشكوك في صحتها في تلك الفترة لأهداف سياسية حيث أراد الفاطميون استمالة المصريين بهذه الطريقة.