وقعت مدينة الخليل تحت الاحتلال الإسرائيلي يوم 8 يونيو 1967، وأصبحت المدينة تحت حكم حاكم عسكري إسرائيلي، ومنذ ذلك التاريخ، شرع المستوطنون اليهود بالاستيطان في محيط المدينة ثُم في داخلها، كما بدأت القوات الإسرائيلية والمستوطنون في اعتداءاتهم على المسجد الإبراهيمي منذ اليوم الأول لاحتلال المدينة بهدف تحويله إلى معبد يهودي، فدخل الجنود الإسرائيليون المسجدَ ومعهم كبير الحاخامات شلومو جورين، فرفعوا العلم الإسرائيلي على مأذنته، ومنعوا المصلين من الدخول إليه فترة من الزمن.

وظل الأمر هكذا حتى جاء رمضان عام 1414 هـ، الموافق لفبراير 1994، وتحديدا يوم 25 منه، فخرج طبيب يهودي يدعى باروخ جولدشتاين ليقود أكثر المذابح قسوة وعنفا في حق المصلين المسلمين المسالمين، والتي سميت بـ”مذبحة الحرم الإبراهيمي”، والتي أسفرت عن قتل 29 مصلياً وجرح 150 آخرين، قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.

مذبحة الحرم الإبراهيمي أسفرت عن استشهاد 29 وإصابة 150 آخرين

قاد جولدشتاين المذبحة بتواطؤ مع عدد كبير من اليهود، حيث أطلق النار على المصلين في المسجد أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم الجمعة في منتصف شهر رمضان.

وباروخ جولدشتاين مولود في ديسمبر 1956 في حي بروكلين بنيويوروك لعائلة يهودية أرثوذكسية متشددة، وحضر دروسا دينية في يشيفا كما حضر دروسا في الطب في معهد ألبرت انشتاين التابعة لجامعة بشيفاوهي جامعة خاصة يهودية وعمل في مستشفى بدوكريل في بروكلين بعد تخرجه منها.

** اقرأ أيضا: حيلة ذكية لصحفي فلسطيني أنقذت قريته من الاحتلال عام 1948

كان باروخ متعاطفا مع التيار المتشدد للصهيونية الدينية، وكان عضوا في رابطة الدفاع عن اليهود” المتشددة والمحسوبة على اليمين المتطرف والتي أسسها مائير كاهانا وأصبح واحدا من قادتها.

هاجر جولدشتاين إلى إسرائيل وعمل في جيشها كطبيب ومن ثم كاحتياطي، وعرف عنه رفضه لمدواته لغير اليهود وحتى لو كانوا يخدمون في الجيش. تم تهديده بأن تتم محاكمته عسكريا لكنه أجاب بأن لا يعترف إلا سلطتين دينيتين “مائير كاهانا وموسى بن ميمون”. بعد خروجه من الجيش استقر في مستوطنة كريات بالخليل حيث اشتغل بمهنة الطب.

الاعتداءات لم تتوقف على الحرم الإبراهيمي منذ وقوع مذبحة جولدشتاين

ومستوطنة كريات أربع في قلب الخليل كانت تمثل حالة سافرة لخطورة إرهاب المستوطنين الذين ظلوا يحتفظون بأسلحتهم، بل حرصت حكومة العمل، ومن بعدها حكومة الليكود على الاستمرار في تغذية أحلامهم الاستيطانية بالبقاء في الخليل ودغدغة هواجسهم الأمنية بالاستمرار في تسليحهم في مواجهة الفلسطينيين العزل.

بل تعمدت حكومتا العمل والليكود كلتاهما تأجيل إعادة الانتشار المقرر بمقتضى الاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية كي تضمن لحوالي أربعة آلاف مستوطن يهودي بالخليل أسباب البقاء على أسس عنصرية في مواجهة 100 ألف فلسطيني كانوا عرضة لخطر مذابح أخرى على طراز جولد شتاين.

** اقرأ أيضا: الأمطار تكشف مقبرة أثرية عمرها ألفي عام أسفل منزل فلسطيني

الاعتداءات على الحرم الإبراهيمي لم تتوقف قبل مذبحة جولدشتاين ولا بعدها، حيث تشير إحصائيات بأن هذه الاعتداءات بلغت حوالي 1231 اعتداء منذ بدء الاحتلال ولغاية نهاية عام 2013، وبحسب باحثين، فإن جميع هذه الاعتداءات كان يقوم بها المستوطنون اليهود، وأن كثيرًا منها كانت تجري بحماية مباشرة من الجنود، وكانت تتم بقرارات الحاكم العسكري للخليل.