تعد مهنة “أوشيفا Oshiya ” وتعني الدفع، واحدة من أغرب المهن في دولة اليابان، حيث يعمل عدد من الموظفين على دفع المسافرين بكل قوة لإدخالهم في القطارات المكتظة، لمنع تعطل القطارات.

وعلى الرغم من أن شبكة السكك الحديدية اليابانية معروفة عالميًا بتفوقها والتزامها بالمواعيد، إلا أن العديد من قطارات المترو تصبح مكتظة للغاية، وخصوصا خلال ساعات الذروة.

واعتمدت اليابان على مهنة “أوشيفا” لنقل عدد أكبر مما تتحمله عربات المترو، فقامت بتوظيف عمال يرتدون الزي العسكري أطلقت عليهم اسم “مرتبي الركاب”، وحصرت مهمتهم في دفع أكبر عدد ممكن من المسافرين إلى القطار والعمل على غلق الأبواب.

وعندما تم جلب موظفي “الدفع” في محطة شينجوكو طوكيو، كان معظمهم من الطلاب العاملين بدوام جزئي، ولكن في الوقت الحاضر لا يوجد موظفين مخصصين للدفع، بل يهتم موظفي المحطة الدائمين والعاملين بدوام جزئي بأداء هذا الدور خلال ساعات الذروة.

وفي الواقع، ظاهرة موظفي الدفع لم تبدأ في اليابان، بل إنها اختراع أمريكي بدأ في مدينة نيويورك قبل قرن من الزمان تقريبا، ولم تكن مهنة محبوبة لأنها تعتمد على العنف في دفع الركاب.

وكان موظفو الدفع يلقبون بـ”معبئي أسماك السردين” وكانت طريقتهم العنيفة والوحشية في الدفع محل نقاش في الجرائد اليومية، لكن مع مرور الزمن وتطوير الأبواب الأوتوماتيكية، فقد “معبئي السردين” مهنتهم، وظهرت في هذه الفترة العديد من الأفلام الأمريكية التي تدور قصصها حول هذه المهنة، منها فيلم Subway Sadie (1926), Wolf’s Clothing (1927), The Big Noise (1928), Love Over Night (1928) وغيرها.

ويعاني قصار القامة من الاختناق بسبب التصاق وجوههم بمعاطف المسافرين الآخرين، أما النزول في المحطة الصحيحة فهي معاناة أخرى تتطلب الكثير من القوة والعزم. كما أن ظاهرة الازدحام هذه جعلت من قطارات المترو أرضا خصبة للسارقين والمتهورين.

وجلبت مهنة “الدفع” منذ ظهورها في اليابان، دخلاً ثابتاً للقوى العاملة وصل لـ20 دولار في الساعة الواحدة.

ومهنة “الدفع” في اليابان ليست فقط وظيفة تتطلب الصحة لما يبذل خلالها من مجهود، لكنها تحتاج أيضًا إلى الكثير من المهارة وارتداء قفازات بيضاء بحيث يمكن للراكب التعرف عليها، وتجنب مخاطر اللمسة غير الضرورية.

وفي العاصمة طوكيو، يستخدم ما يقرب من أربعين مليون راكب وسائل النقل الجماعي بشكل يومي، ومن بين هذا العدد، فإن 22% أو 8.7 مليون يستخدمون المترو.