“ذهبت إليها ومعى العود واستقبلتنى فى غرفة عادية، وليست غرفة الضيوف، سمعتها أغنية (أنت عمرى) وطلبت سماعها مرة أخرى… وقالت لى لك كل الحرية تعمل ما تريده، وفعلا غنت الست (أنت عمرى)”.

هذا ما قاله موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب عن أول لقاء عمل يجمعه بكوكب الشرق أم كلثوم.

الأغنية التي كتبها أحمد شفيق كامل صارت أيقونة عالمية. غناها الكثيرون. بداية من الست وصولا إلى شاكيرا الكولومبية وزهافا الإسرائيلية. صارت تُغنى في كل مكان. في الأوبرا وحتى في الأفراح الشعبية.

إلا أن هذه الأغنية يرى كثيرون أنها ليست الأفضل بين ألحان عبدالوهاب. كذلك يرى كثيرون أنها ليست أفضل ما قدمته أم كلثوم.

الموسيقار محمد عفيفي، صديق عبدالوهاب قالت إن موسيقار الأجيال كان يخشى صوت أم كلثوم، وكانت أم كلثوم تخشى ألحان عبد الوهاب، هكذا بدت الصورة التي استمرت عشرات السنين. ويضيف الرجل “لم يكن هناك أي شك في نجاح عمل يتمه الاثنان معا لكنها غيرة الفنان، يخشى الملحن أن ينسب نجاح اللحن لصوت المطربة الكبيرة، وتخشى هي أن تغطى موسيقى الملحن الكبير على صوتها، وهكذا دار الاثنان في حلقة مفرغة”.

أما الناقد مصطفى الضمراني فيؤكد أن الأغنية لم تكن مكتوبة بالأساس لأم كلثوم، وأن مؤلفها قال له إن الأغنية كانت لعبدالوهاب نفسه، حيث أراد أن يغنيها هو مثل كل أغنياته التي تغنى بها لكبار الشعراء.

ربما ما قاله عفيفي والضمراني هو ما لمسه الذين لا يعتبرون “انت عمري” عملا فذا للاثنين، ومنهم الأديب الكبير نجيب محفوظ، الذي قال في حوار تليفزيوني مع المذيعة ليلى رستم أن الأغنية ليست على مستوى القامتين. هو يقول “إنه استمع للأغنية واستمتع بها للغاية بجمالها، لكنها بعد فترة أراد تحليل هذا الجمال، فرأى أنه تأثر بمجرد فكرة التقاء ألحان عبدالوهاب وصوت أم كلثوم”.

أديب نوبل يرى أن أغنية “جددت حبك” أفضل من “أنت عمري”، وكذلك “سلوا قلبي” و”رباعيات الخيام” و”آه من لقاك”، كما يرى أن ألحان “قالوا لي هان الود” و”النهر الخالد” لعبد الوهاب أفضل من لحن “انت عمري”. محفوظ خلال اللقاء أكد أن أم كلثوم أعادت عبدالوهاب إلى منابع إلهامه الأصلية، التي هجرها قبل هذا اللقاء.

ويُروَى أن عبدالوهاب كان يعيش حالة من الخوف والرعب الشديدين جراء معركة كان يتوقعها مع الملحن الكبير الراحل رياض السنباطي، بعد غناء أم كلثوم للأغنية، حيث كان ينتظر تصريحات نارية أو رأي غير منصف من السنباطي الذي تربت على ألحانه أم كلثوم، لكن هذا لم يحدث.

بقى أن نذكر من أسرار هذا اللقاء أن أحمد شفيق كامل اعترف للقريبين له أن أغنية “أنت عمري” ليست في الأصل أغنية عاطفية، بل كانت قصيدة في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وبقى أن نذكر أيضا أن اسطوانة الأغنية كانت الأكثر مبيعًا، أو بالأحرى في قائمة الأكثر رواجا ومبيعا في تاريخ أغنيات أم كلثوم.