عند ذهابك إلى مقابر “شهداء الباكستان” في البساتين، ستقابل نصبًا تذكاريًا يحمل أسماء ضحايا تحطم أول رحلة طيران إلى مصر قامت بها الخطوط الجوية الباكستانية يوم 20 مايو 1965.

السيد شوكت أحمد ميلكاي، كان أحد الناجين الستة الذين استطاعوا بمعجزة أن يخرجوا أحياء بعد تحطم الطائرة. يروي الرجل حكايته فيقول “عندما أعلنت الخطوط الجوية الباكستانية عن إطلاق خط طيران جديد من باكستان إلى لندن، مرورًا بالظهران والقاهرة، دعت عددًا كبيرًا من الصحفيين ومندوبي شركات السياحة والطيران للترويج لها”.

كان الإقبال على هذه الرحلة كبيرًا للغاية، حتى أن شوكت “صاحب شركة سياحة خاصة” استطاع الحصول على تذكرة بصعوبة، فيما أصرت زوجته “بانو”، على السفر معه، وذلك بعد وصوله نبأ إلغاء أحد المسافرين حجزه بالدرجة الأولى قبل خمس ساعات فقط من انطلاق الطائرة.

ورغم أن مقعده كان في ذيل الطائرة، ومقعد زوجته في الدرجة الأولى (بالقرب من مقصورة قائد الطائرة) إلا أنه كان حريصًا على الالتقاء بها في أروقة الطائرة كلما أمكن ذلك.

ويؤكد السيد شوكت لجريدة dawn الباكستانية أنه وبالقرب من القاهرة سقطت الطائرة، بعد أن رأى النيران تتطاير من جناحها فجأة. مضيفا “كنت بين اليقظة وغياب الوعي. كنت أنطق اسمي وليس (أنقذوني)، وهنا هرع أحد الناجين والدم ينزف من رأسه ليجذبني من بين الحطام”.

وعن لحظة الألم الحقيقية قال “رأيت زوجتي بانو وقد فارقت الحياة، رأيتها من بين دماء الركاب والأمتعة المتناثرة والحطام المشتعل، ثم أتى بعض البدو، فظننا أنهم سينقذون الأحياء منا، لكنهم سرقوا الأمتعة وهربوا، على الرغم من أن بعضنا كان ينطق (الله أكبر) حتى يعلم البدو أننا مسلمون فيساعدونا”. ولم تأت قوات الإنقاذ إلا بعد خمس أو ست ساعات كاملة، حيث توفى الكثير من المصابين وقتها.

وتشير الصحف المصرية إلى أن الطائرة سقطت جنوب شرقي مطار القاهرة، وتحديدًا على بعد 16 كيلو متر من المطار، وقد تم نقل المصابين بطائرة هليكوبتر إلى مستشفى مصر الجديدة وإسعافهم بها، وقد توفي في ذالك الحادث 122 راكبًا من أصل 128.

وقد ذكر بعض البدو للصحافة الباكستانية عند إجرائها تحقيق حول الحادث أنهم شاهدوا شعلة من النار تهوي من السماء، وأنهم خافوا من الاقتراب من الحطام خشية انفجارها.

يذكر أن “بانو” زوجة السيد شوكت مدفونة في مقابر شهداء الباكستان في البساتين، وأن السيد شوكت اعتاد في أن يأتي مع أطفاله إلى القاهرة لزيارة ضريحها، حيث اتفق معهم على مواصلة زيارة قبرها.

من غرائب تلك الرحلة أنهم وجدوا مخبئًا بين حطام الطائرة وبه “راديو ترانزستور” مع مجوهرات بقيمة 120 ألف دولار تحفظت عليها الدولة المصرية وقتها.