حسنة سوداء بارزة على الخد الأيمن كانت أجمل ما يميز “زوبة العالمة” بطلة فيلم قصر الشوق ضمن ثلاثية نجيب محفوظ العالمية، فما كان معنى هذه الحسنة، ولماذا كانت تضعها فنانات الإغراء دائماً؟ هل من أجل التجمل أم كان لها معنى آخر؟

فالبعض يقول إن فحسنة الخد الأيمن تشير إلى الدلال، وحسنة الخد الأيسر تشير إلى المشاغبة، مشيرين إلى أن هناك أسرار عدة للشامات والحسنات التي كانت تضعها النساء طيلة القرون الماضية.

وفي السطور التالية، نستعرض قصة شامة الحسن وأشكالها ودلالاتها، وكيف ولماذا كانت تحرمها وتمنعها بعض الدول، وعلاقتها بالسياسة.

تاريخ الشامة

أخذت حسنة الجمال أشكالا ومعان عدة طوال السنوات الماضية، حتى أن أحد الباحثين في تاريخ التجميل الإنساني، أفرد لها بحثا خاصة للتعرف على أصولها.

ويقول الباحث إنه بالرغم من أن الحسنة ظهرت في أوقات مبكرة من القرن السابع عشر، إلا أنها لم تكن منتشرة بين النساء اللاتي لم يعرفن “بقع الجمال”، فيما عثر على صور من القرن الماضي، خاصة بين عامي 1920 و1948 في “متحف بيت ريفرز”، كشفت أن النساء بدأن في وضع تلك الحسنات على الوجه والرقبة والصدر في أوقات مبكرة من القرن العشرين.

ومن أغرب الأشياء التي توصل إليها، أن النساء لم يضعن الحسنة في البداية بهدف التجميل، ولكن بهدف وصف حالتهن دون أن يتكلمن، إلا أن كل هذه الدلالات انحسرت في خمسينيات القرن الماضي، وبقيت الحسنة رمزا للجمال فقط، لتبرز جمال عيون المرأة أو شفتيها لا أكثر.

التحريم والمنع

ظهرت الحسنة في أوقات مبكرة في أوروبا، وبالتحديد في فرنسا، حيث اعتادت عارضات الأزياء وراقصات الباليه وضع الحسنة اللاصقة على ووجههن ولا يتخلين عنها أبدا في عروضهن أمام الجمهور، وهو دفع السلطات الفرنسية لمنعها وضع تلك الحسنات تماما، وأرجع البعض سبب المنع إلى “دواع سياسية”!

أما إنجلترا فقد منعت النساء من وضع الحسنة بإيعاز من رجال الدين في الكنيسة، حيث اعتبروا أنها علامة على التفاخر والتعالي، ومع الوقت بدأ المجتمع يعتبرها رمزا للدعارة وسببا في انتقال الطاعون! ولا يليق بالنساء المحترمات وضعها، أما منطقة تسفيكاو في ألمانيا، فقد منعت وضع تلك الحسنات على وجوه النساء بنص القانون عام 1705!

أشكال وألوان

كانت للحسنات أشكال متعددة منها النجوم والقلوب والأهلة والدوائر، وشكل العصفور أو الفراشة أو بعض الحيوانات أو حتى الأرقام، وغالباً ما كانت المواد المستخدمة للصق الحسنة تتمثل في المخمل أو قطع صغيرة جدا من الحرير، بينما كانت تستخدم النساء الفقيرات الورق أو الجلد للصق الحسنة.

وكان اللون الأسود هو الأكثر شعبية وانتشارا، كونه يظهر بياض البشرة، إلا أن بعض النساء كن يعضن حسنات بلون عيونهن.

ومع الوقت ظهرت أماكن مخصصة لبيع الحسنات، وكانت توضع في صندوق مليء بالأشكال المختلفة ويصنع الصندوق من الخشب أو الذهب أو الخزف أو المينا.

أسماء ودلالات

ولأشكال الحسنات أسماء مختلفة ودلالات عدة، فالحسنة التي توضع في زاوية العين تسمى “عاطفي”، والتي توضع في منتصف الخد تسمى “الباسلة”، أما التي توضع على ثنايا الوجه التي تظهر عند الابتسام فتسمى “لعوب”، وفي زاوية الشفتين تسمى “تغنج” أو “غزل”، وفي وسط الجبهة تسمى “مهيب”، أما الحسنة التي كانت تستخدم لإخفاء عيب ما في الوجه، فكانت تسمى “لص”!

وفي عهد لويس الرابع عشر، كان لأشكال الحسنة رسائل الخفية ودلالات، فالشامة التي على شكل نصف قمر تعني أن صاحبتها مستعدة لأخذ موعد غرامي، والشامة على شكل “كيوبيد” تعني أن المرأة تعيش قصة حب معترف بها، أما إذا وضعت الحسنة أعلى الشفة العليا فهذا يعني أن صاحبتها غير مرتبطة وقابلة لعروض الخطبة والزواج، كما كانت ترمز تلك الحسنة للدلال.

أما الحسنة التي توضع على الخد الأيمن فتعني أن المرأة متزوجة، بينا حسنة الخد الأيسر تقول أنها أرملة شابة حزينة ولا تقبل سوى بالزواج الرسمي، أما الحسنة في زاوية العين فتقول إنها امرأة عاطفية إلى حد بعيد.

وكان من أغرب أنواع الحسنات، هو اتخاذها دلالات سياسية، وهو ما ظهر في إنجلترا في بعض الأوقات، حيث اعتادت بعض النساء وضع شامات على الخد الأيمن دعما للتيار “اليميني”، بينما كانت من تضع الحسنة على الخد الأيسر تشير إلى أنها من أنصار حزب المحافظين اليساري!

المصدر: Hair & Makeup Artist