عرف عن الملك فاروق الأول، ملك مصر السابق، أنه كان على علاقة صداقة بالكثير من الممثلين والممثلات في أربعينيات القرن الماضي، وهو أمر ليس بمستغرب، حيث كان الملك السابق يحب السينما ويحضر العديد من الأفلام في السينمات، إلا أن المدهش حقا، هو ما أثير بشأن تجربة التمثيل السينمائي التي كاد أن يخوضها الملك فاروق في إحدى المرات!

فقد تناولت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، معلومة مقتضبة عن أن الملك فاروق الذي تنازل عن العرش عقب ثورة 1952، كان بصدد المشاركة في فيلم سينمائي أثناء وجوده بمنفاه الاختياري في إيطاليا في الخمسينيات.

وتزعم المعلومة التي نقلت عن صورة ضوئية لخبر قديم نشر بصحيفة “بوست تربيون” الأمريكية تحت عنوان “الملك فاروق يحصل على عرض للعمل كممثل”، أن الملك فاروق أثناء تواجده بأوروبا، تعرض لضائقة مالية اضطرته للبحث عن عمل، وهو ما دفع إحدى شركات الإنتاج السينمائي العاملة في مدينة أسطنبول التركية، إلى أن تتقدم إليه بعرض للمشاركة في أحد أفلامها كممثل.

وقال الخبر إن الشركة عرضت عليه مبلغ مبدئي 18 ألف دولار مقابل الموافقة على المشاركة في الفيلم، ولم يكشف الخبر إن كان الملك وافق على هذا العرض أم رفضه، ولا ما إذا كان الملك السابق قد رد على هذا العرض من الأساس، كما لم تكشف أي تفاصيل عن الفيلم ذاته وعن قصته.

وفي ظل قلة المعلومات حول هذه الواقعة، فإن هناك بعض الدلائل التي تشير إلى أن الخبر في الغالب، كان مجرد “فبركة” صحفية من صحيفة “بوست تربيون” وهي صحيفة أمريكية محلية محدودة الانتشار، كانت توزع على نطاق ضيق في ولاية إنديانا الأمريكية في ذلك الوقت، هذا إن صح نسبة الخبر إليها.

حيث أن زعم الصحيفة بأن الملك السابق مر بضائقه مالية أثناء منفاه، تنافي الكثير من الحقائق التاريخية حول طبيعة عيشه في إيطاليا والمستوى الذي كان يحيا فيه.

وتشير في هذا الخصوص الدكتورة لطيفة محمد سالم، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية آداب بنها، في كتابها الشهير “فاروق من الميلاد إلى الرحيل”، إلى أن طبيعة حياة الملك السابق في المنفى تكشف أنه كان يعيش حياة ميسورة ولم يكن في حاجة إلى طلب المساعدة من أحد أو حتى البحث عن وظيفة، حيث كان يتردد على الأماكن الفخمة والمطاعم الشهيرة، وأنه كان يستطيع الاستمتاع بحياته كيفما أراد ودون أن يشعر بالعوز أو الفقر، كما أنه كان بمقدوره أن يرسل أبناءه إلى سويسرا لتلقي تعليمهم هناك وكان في استطاعته أن يزورهم باستمرار، كما أنه كان دائم التنقل في بلدان أوروبا خاصة إلى باريس.

وتلفت إلى أن البعض كان يأخذ على الملك فاروق حينها أنه بالغ في الإسراف والتبذير، نتيجة ما لديه من ثروة كانت موجودة في حسابات بنكية خاصة به في أوروبا، قام بتحويلها من مصر قبل تنازله عن العرش بحوالي ست سنوات، بالإضافة إلى الأموال التي كان يرسلها له الملك عبدالعزيز آل سعود ملك السعودية كهدايا خلال الفترة الأولى من نفيه بسبب الصداقة التي كانت بينهما، وهي العلاقة التي استمرت حتى وفاة الملك عبدالعزيز في نهاية عام 1953.

وستظل حياة الملك فاروق في المنفى كنزا مغلقا من الأخبار والحكايات، التي يحاول البعض أن يخرجها للنور، فيصدق من يصدق، ويلفق من يلفق، وتبقى الحقيقة ملكا للتاريخ.