في بداية فبراير سنة 1978 وصل إلى منزل البروفيسور عطية عامر أستاذ اللغة العربية في جامعة ستكهولم السويدية خطاب من الأكاديمية السويدية يطلب منه ترشيح أديب عربي لنيل جائزة نوبل في الآداب.

كانت هذه هي المرة الأولى التي تطلب فيها الأكاديمية منه ذلك، ولكنه يقول أنه تبرع عام 1967، ورشح عميد الأدب العربي طه حسين لنيل الجائزة دون أن يُطلب منه، فالوقت حينها لم يكن مناسبا لأن الغرب كله كان ضد مصر وضد الرئيس جمال عبدالناصر.

“رشحت محفوظ، ولو كان طه حسين المتوفى أواخر أكتوبر 1973 موجودا لرشحته”. هكذا قال عامر في كتاب لم يُنشر بعد، مشيرا إلى أن عميد الأدب العربي كان أعظم الموجودين على الساحة.

عامر فضّل نجيب محفوظ على الثلاثي القوي “توفيق الحكيم وعبدالرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس”، فالأول كان مدعوما من الرئيس الراحل أنور السادات، حيث تحدث إلى عمر شرف سفير مصر في السويد أواخر السبعينيات، طالبا منه أن يتحدث إلى عامر وأن يخبره بأنه يريده أن يرشح الحكيم لأنه صديقه، وأن الرئيس جمال عبدالناصر كان يحبه.

أما عبدالرحمن الشرقاوي فكان الرئيس السابق حسني مبارك قد طلب من عامر عبر رسالة تم توجيهها من رئاسة الجمهورية إلى السفير المصري بالسويد وقتها، عبدالرحمن مرعي، طالبا منه أن يتدخل لدى عامر ليرشح عبد الرحمن الشرقاوي.

في حين طلب يوسف إدريس منه بشكل صريح أن يرشحه هو لأنها ستنقلة نقلة نوعية في العالم، وفقا لتعبير عامر.

الناقد المصري المجهول كان يرى أن توفيق الحكيم لا يمثل الروح المصرية العميقة، وأن المسحة الفرنسية واضحة جدا في تفكيره وأعماله، ولا يصل في الرواية إلى مستوى محفوظ الذي يمثل مصر الحقيقية، ويتضمن فلسفة واضحة، وأن الشرقاوي وإدريس لم يرتقيا بعد لمستوى صاحب “أولاد حارتنا”.

وفي منتصف الثمانينيات، وبعد أن كانت الجائزة تظهر كل عام بلا اسم عربي رغم ترشيحه كل سنة لنجيب محفوظ، طلبت الأكاديمية منه مرة أخرى اسما آخر غيره، فرشح عامر يوسف إدريس، لأنه وكما يصفه “أحسن واحد بيكتب قصة قصيرة”، لكن عامر كتب محفوظ مرشحا أولا، وإدريس مرشحا ثانيا.

ويذكر عامر في مذكراته أن إدريس ذهب في مرة إلى السويد عن طريق الرئيس العراقي صدام حسين، حيث هاتفه إدريس وسأله “هل رشحتني؟”، فقال له “نعم ولكن كمرشح ثاني بعد نجيب محفوظ”، فرد إدريس “سيبك من نجيب محفوظ، هذه الجائزة سترفعني في السماء، فلماذا لا تريد لي ذلك؟”.

في هذه الأثناء اتصل به رئيس لجنة نوبل شخصيا، وسأله عن جماعة المهجر الأدبية، وعن جبران خليل جبران، فقال عامر له إنه لا يعرف سوى ميخائيل نعيمة، الذي كتب عن مسرحيته “الآباء والبنون” وقابله مرة واحدة. عامر قال للرجل أن نعيمة يجيد الفرنسية والروسية كالعربية، وهو رجل عالمي، لذلك رشحه أيضا لنيل الجائزة عندما طلب رئيس اللجنة ترشيح شاعر.

في العام 1988 اقتنص نجيب محفوظ المولود في مثل هذا اليوم (11 ديسمبر 1911) جائزة نوبل، ليتحقق أمل الناقد عطية عامر الذي صمم على ترشيح نجيب محفوظ لأكثر من عشر سنوات.