عرفت مصر الزار في منتصف القرن التاسع عشر، وهو طقس سحري تمارسه النساء في الأغلب، حيث كن يمارسنه في أماكن علنية خلال السنوات السبعين الأولى من القرن العشرين، مثل الحارات والأزقة والتكايا المنتشرة في ربوع المحروسة.

إلا أنه انحسر بشدة منذ السبعينيات، خصوصا مع توغل الحركات الإسلامية الأصولية في مصر، وأصبحت بعض النساء اللاتي يعتقدن في تأثيره على الشخص الذي لبسته الأرواح يمارسنه بسرية في البيوت.

بعض المؤرخين والدارسين استخرجوا عددا من أوجه التشابه بين طقس “حلقة الذكر” وطقس “دقة الزار”، من حيث كونهما شعيرتين مرتبطتين بنفس أسلوب الأداء “الغناء الجماعي على إيقاعات الدفوف” والغاية “الوصول إلى حالة من الغياب عن الوعي والوصول”، إلا أنهما في الواقع يختلفان في أمور عدة.

أولها أن طقس الذكر هو طقس رجالي أما الزار فهو نسائي في الغالب.

الاختلاف الثاني أن طقس الذكر طقس ديني ينشد فيه الرجال أبيات من المدائح النبوية أو الربوبية، أما الزار فهو طقس سحري تنشد فيه النساء ومعاونوهن من الرجال المشتغلين بفرقة الزار عبارات غير مفهومة عن عالم الجن والسحر.

ويعتبر الذكر شعيرة غير هادفة للربح، حيث يقيمها البعض دون مكسب مادي، أما الزار فهو شعيرة نفعية تستأجر فيها المريضة -الملبوسة بالجن من وجهة نظر البعض+-+– المؤديات ويدفعن لهن مالا ويقدمن الهدايا للأرواح (مثل ذبح الدواجن والأغنام)، وهو الاختلاف الثالث.

أما الاختلاف الرابع فهو المتعلق بالحالة المطلوبة سواء في حلقات الذكر أو الزار، وهي في الأولى تسمى الانجذاب، وفيها يدخل الرجل في حالة تشبه حالات الغيبوبة من كثرة الذكر وشدة الوله، وفي الثانية تسمى بالهستيريا، وفيها تدخل السيدة في حالة تشبه الغيبوية من وقع دق الطبول وإيقاعها السريع، وصوت النسوة المتنامي ذو النبرة الحادة النحاسية.

خامسا، فإن من المعروف أن لكلا الطقسين قائد، فهو في حلقات الذكر يسمى “الشيخ” قائد أوركسترا المديح، وفي دقات الزار تسمى “الكودية” وهي بنسبة كبيرة قائدة الفرقة وصاحبتها.

غاية الطقسين أحد أهم الاختلافات، حيث يهدف المشارك في حلقة الذكر الوصول إلى مرحلة الانجذاب الرباني، فيما تستهدف مقيمة دقة الزار خروج الجن والعفاريت من جسدها أو من جسد من يهمها.

الاختلاف السابع الأخير والمدهش، هو أن القائمين على الزار يبدأونه بتلاوة الفاتحة، فيما تبدأ حلقات الذكر بآيات من القرآن الكريم، قد تكون فاتحة الكتاب بينها وقد لا تكون.