يعكف حاليا أحد المراكز الأمريكية المتخصصة في الحفريات، على إعادة ترميم عدد ضخم من التماثيل الفرعونية التي عثر عليها مدفونة تحت رمال شواطئ كاليفورنيا الأمريكية قبل سنوات، تمهيدا لعرضها على الجمهور!

بالطبع هذه ليست مزحة، بل هي حقيقة، ولكن السؤال: كيف وصلت تلك القطع الفرعونية إلى السواحل الأمريكية؟

وقبل أن تتسرع في الحكم، إليك الإجابة، إنها السينما!

فقد عثر مجموعة من المنقبين الهواة، بمعاونة عدد من علماء الآثار من مركز “جوادالوبي-نيبومو ديونز”، على بقايا لتماثيل فرعونية ضخمة بنيت خصيصا أثناء تصوير فيلم “الوصايا العشر” الذي أنتج عام 1923، وأخرجه المخرج “سيسيل ديميل”.

وشملت القطع التي عثر عليها، 21 تمثال ضخم لأبو الهول بناها الفنان الفرنسي بول إيريب، بالإضافة إلى بوابة عملاقة بطول 120 قدم تحيط بها أربعة تماثيل لرمسيس الثاني.

وقد وجد المنقبون، أن التماثيل طليت بألوان زاهية للغاية، وتوصلوا إلى أن أن السبب وراء هذا الطلاء، هو محاولة إظهار التماثيل في أبهى صورة، خاصة وأن الفيلم كان من الأفلام الصامتة وبالأبيض والأسود، لذا كان يحاول المخرج إظاهر الديكورات لامعة قدر الإمكان لإبهار المتفرج في ذلك الوقت المبكر من عمر السينما.

وكان يعتقد لوقت طويل، أنه تم تدمير هذه الديكورات الضخمة بعد الانتهاء من عملية تصوير الفيلم، إلا أن عملية التنقيب كشفت أن المخرج، فضل عقب انتهاء التصوير أن يدفن التماثيل تحت رمال بالقرب من سواحل كاليفورنيا، حتى يبقيها بعيدة عن أيدي المخرجين المنافسين خشية أن يستخدموها في أعمال فنية شبيهة، حيث ظلت التماثيل الجصية المجوفة بحالة جيدة طوال تلك السنوات.

عملية التنقيب بدأت بشكل موسع، عندما عثر على رأس ضخمة لأبو الهول، حيث دفع هذا العثور عددا من الهواة للبحث بشكل أوسع قبل أن يستعينوا بعلماء في الآثار والحفريات، وبعدما اكتشفوا سر التماثيل، عادوا واستعانوا ببعض الأوراق الأصلية الخاصة بأماكن تصوير الفيلم لترشدهم إلى النقاط التي يمكن أن يعثروا فيها على هذه الكنوز.

كشفت كذلك عمليات التنقيب التي تمت في موقع تصوير الفيلم، عن العثور على بعض المقتنيات والأدوات التي كان يستخدمها المشاركون في العمل الفني، مثل علب التبغ والمكياج وبعض قطع الديكور.

وفي كتابه الذي تضمن سيرته الذاتية، كتب المخرج ديميل، جملة غامضة لم يفهمها كثير ممن قرأ كتابه، قال فيها: “بعد ألف عام من الآن، إذا أراد علماء الآثار التنقيب تحت رمال (جوادالوبي) فأرجو منهم ألا يتسرعوا بالحكم على الكنوز التي سيعثرون عليها، ويظنوا أن الحضارة المصرية لم تكن مقتصرة على وادي النيل فقط، ويشطح بهم الخيال ويعتقدوا أن الحضارة المصرية امتدت حتى سواحل المحيط الهادئ على شواطئ أمريكا الشمالية”.

وسيسيل ديميل هو واحد من رواد السينما الأمريكية، حيث قدم أول فيلم طويل في تاريخ هوليود عام 1914، كما أنه أحد مؤسسي استوديو “بارامونت” الشهير.

وكان من أهم الأفلام التي قدمها، فيلم “الوصايا العشر” بنسختيه، حيث قام بإنتاج الفيلم لأول مرة عام 1923، وكانت السينما حينها لا تزال صامتة وبالأبيض والأسود، قبل أن يعود في عام 1956 ويعيد إنتاج الفيلم بعد ظهور الألوان والصوت، حيث أدى البطولة في النسخة الجديدة الممثل الأمريكي تشارلتون هيستون، وحصل الفيلم على جائزة الأوسكار أفضل مؤثرات بصرية، كما أنه جاء في الترتيب السادس بقائمة أعلى الأفلام دخلا في التاريخ.