كان التنافس بين عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، من أكثر المواد التي تجذب قراء الصحف والمجلات في مصر والوطن العربي خلال فترتي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، حتى أن الجمهور كان منقسما بينهما إلى فريقين “فريدية” و”حليمية”!

وكان يعزز من هذا التنافس، التصريحات التي كانت تخرج منهما بين الحين والآخر، ليقول كل منهما رأيه في “زميله وابن كاره”، أو في أغنية جديدة له أو للتعليق على فيلمه الأخير.

ومن بين هذه التصريحات، كان حوار مميز لفريد الأطرش، عثرت عليه “عرب لايت” في نسخة قديمة من مجلة “الاثنين والدنيا” صادرة في فبراير 1960، حينما كان الاثنين في أوج مجدهما ويتصدران الساحة الغنائية.

فريد كان صريحا في حواره لدرجة مذهلة، ولم تفلح محاولاته لانتقاء كلماته، في إخفاء رأيه الحاد في موهبة عبدالحليم حافظ وصوته واختياره لأغانيه، فلا عجب إذا أن تطلق المجلة على هذه السلسلة من الحوارات “كرسي الاعتراف”!

“أنا عندي أغنيات كلها حلوة وكلها خالدة لا تموت بمرور الوقت، فهناك أغان تموت بعد وقت قصير مثل (ظلموه) و(الليالي) لعبدالحليم حافظ”، قد يظن من يقرأ هذه الجملة أنها جاءت من فريد ردا على سؤال حول رأيه في أغاني عبدالحليم حافظ، ولكن المفاجأة أنها جاءت لسؤال حول أغانيه هو، ولم يتطرق سؤال المحاورة فاطمة حجاج إلى عبدالحليم على الإطلاق، ولكن يبدو أن الرجل كان مسيطرا على تفكير فريد، الذي لم يستطع منع نفسه من توجيه سهام النقد إليه وإلى أغانيه كلما سنحت الفرصة!

وهو ما دفع فاطمة حجاج، لتوجيه السؤال الذي يبدو أن فريد كان ينتظره قائلة: “ما رأيك الفني في عبدالحليم؟”، ليسارع فريد للإجابة بشكل كشف كيف كان يرا فريد عبدالحليم وكأنه مطرب “محدود الموهبة”، حيث قال لها: “عبدالحليم يملك صوتا رقيقا يؤدي ألحانه بمشاعر الفنان، وعيب عبدالحليم أن صوته محصور في القرارات الوطنية والمتوسطة، وعلى كل، فعبدالحليم يؤدي الألحان التي تلائم صوته وإمكانياته”.

وفي سؤال سابق عليه، سألته عن تأثير ظهور عبدالحليم على رصيد المعجبين به، خاصة وأن فريد يكبر عبدالحليم بعدة سنوات فنية، إلا أن إجابته على ذلك السؤال كانت أكثر دبلوماسية “شوفي يا ستي.. الفن ده زي الأديان. كل شخص له عقيدة وميول واتجاهات. والفن مش موقوف على فريد وعبدالحليم. كل فنان له لونه.. وكل فنان له معجبون”.

وبعيدا عن عبدالحليم، حفل الحوار بإجابات مثيرة لفريد حول أول أجر تقاضاه ونظرته لأفضل الممثلات في وقته حيث نصح ليلى فوزي بتمثيل أدوار الإغراء فقط! وكذا أفضل الممثلين من الرجال، ورأيه في عبدالوهاب، وأخيرا “غزواته العاطفية” مؤكدا أن جمهوره عارف “هو حب كام مرة”!

فإلى نص الحوار: