لولا الانفتاح على أوربا عن طريق البعثات التعليمية والعلمية التي أطلقها رائد التحديث محمد علي باشا، لظل المصريون يسيرون في الشوارع بالجلباب.

هذه حقيقة لا تخفى عن الكثيرين.

سمعت مصر عن ملابس الأفندية (القميص والبنطلون) في أواسط القرن التاسع عشر، وعرفتها في أواخره، وواكبتها في الأربعين سنة الأولى من القرن العشرين.

بعد ذلك، ونتيجة لأسباب اجتماعية وسياسية واقتصادية، صارت النخب الثقافية والدينية القريبة من السلطة تتحدث عن ضرورة مواجهة الغرب ثقافيا، لاسيما في الموضة، واخترعت هذه النخب مقولات مأثورة كان أشدها أن “الغرب كافر ولا يصح أن نتشبه به”، وأخفها وطأة أن “ليس كل ما يأتي من الغرب يوافق مجتمعاتنا”.

لذلك، انفصل “تزامن الموضة” تدريجيا بين العالمين، وصارت الموضة قصرًا على فئات بعينها، وهي الفئات التي تسمى بنجوم المجتمع ومن يتشبهون بهم.

فلا يخفى على أحد أيضا أن نجوم المجتمع هم واجهة أي مجتمع، فالسياسيون ونجوم الفن والثقافة والفكر والرأي، ومعهم لاعبي الكرة، هم صورة لأي وطن.

لذا فإن الأزياء التي يرتديها المنتمون لهذه الواجهة تكون عادة محط أنظار الجميع، لاسيما جمهور هؤلاء النخبة، وكذلك أصحاب منابر التواصل الاجتماعي.

وباستثناء نجوم السياسة وبروتوكولاتهم العالمية المعتادة فإن البقية تخضع للموضة إينما حلت ووقتما ابتكرت وأبدعت، إلا أن “التاتش المصري”، حاضر في أي زمان ومكان.

هذه المهن تحديدا لم تعرف منذ تاريخها محاذير على مستوى الملابس ولا قصة الشعر، هي فقط تعرف الموهوب من غير الموهوب.

فعلى مستوى الرياضة، فهل من موهبة تضارع موهبة محمود الخطيب (بيبو)، الذي أطلق شعر رأسه الكنيش في موضة كانت قد انتشرت في السبعينيات؟.

هل نستطيع أن نجبر محمد صلاح نجم ليفربول الإنجليزي على حلاقة شعره حتى يكون واجهة مشرفة لمصر؟، وهل ذلك يؤثر بالإيجاب على موهبته؟.

هل من موهبة تضارع موهبة مصطفى وعلي أمين الصحفية، على الرغم من السنة التي استنوها، بوضع سيجارة في فمهما وقت التقاط أي صورة لهما؟ وحتى لو ارتدوا الجينز، فهل كان ذلك سينتقص من موهبتهما أو مكانتهما الصحفية؟

هل من موهبة تضاهي موهبة الراحل أحمد رمزي الذي كان يفتح “أزرة” قميصه كلها؟

هل استطاع المصريون أن يقيدوا العندليب عبدالحليم حافظ في زي معين، دون إطلاق العنان له لاستخدام السلاسل الطويلة، وكذلك الألوان الغريبة لبذاته التي كان يظهر بها في الحفلات؟.