ثنائية الضحك والدموع لدى الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، وحاشيته ونظامه، تبدو محيرة أكثر حتى من تهديداته الرهيبة بتدمير الأرض ومن عليها.

ولطالما صدّْر كيم شعورًا بأنه يتصرف كطفل أرعن يلهو بسلاح قادر على تدمير العالم أو أجزاء كبيرة منه، بينما ترتسم على شفتيه ضحكة بلهاء.

ونادرًا ما يظهر كيم عابثًا أو شاردًا، أو حتى مفكرًا متأملًا.

دومًا يظهر في الصور ومشاهد الفيديو القليلة المسربة له عبر آلته الإعلامية الموجهة أو من خلال الصحافة العالمية، منهارًا من الضحك إلى حد القهقهة، فيما يظهر القادة العسكريون أو المسؤولون في حكومته من حوله، وجميعهم غارقون بدورهم في ذات النوبة من الابتسامات العريضة المحيرة.

وكلما زادة حدة الضحك على وجه المخلص أو العزيز أو المرشد -كما يحب كيم أن يناديه شعبه- كلما كانت لعبته الجديدة أكثر تهديدًا للعالم ولقواه العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

موجات من الضحك

في كل تجارب إطلاق الصواريخ الباليستية أو القنابل الهيدروجينية، فضلًا عن مختلف تهديداته النووية العابرة للقارات والحدود والمحيطات، يبدو الحاكم المتهور ابن الرابعة أو الثالثة والثلاثين (هو نفسه لا يقوى على تحديد عمره بدقة)، منتشيًا بموجات متلاحقة من الضحكات تهز جسده البدين المترهل بعنف، وتمنح شعره المتطاير فرصة أكبر للترنح من أسفل إلى أعلى وبالعكس فوق رأسه الضخم.

يقال إنه أمر بتجربة قنبلته الهيدروجينية الأخيرة، ثم دخل في نوبة قهقهة حتى ظن البعض أنه سيتعرض لإغمائه من فرط النشوة، ربما لم يفق منها إلا حين بدأت اللعنات والسباب والشتائم المقززة تنهمر من لسانه في حق واشنطن وحاكما الملياردير غريب الأطوار، دونالد ترامب.

البلاط الأزرق

حين يرتبط مشروعه التهديدي بجارته كوريا الجنوبية، تصبح ضحكات الزعيم السمين هستيرية.

قبل أشهر رصدته الكاميرات بوجه شديد الاحمرار متضخم وكأن أحدًا حقنه بماء أو بمحلول. عينياه كانتا تدمعان على نحو لافت.. ومن خلفه وقف 4 من جنرالاته ككورال ضحك أوبرالي. بينما السبب لكل تلك الجلبة والسعادة الصاخبة، كانت مشاهدته لمناورة عسكرية ينفذها جيشه ضد نموذج مجسم كبير لأهداف تخص غريمته الجنوبية.

كاد يسقط على الأرض من الضحك عندما شاهد قصفًا مدمرًا لمجسم البلاط الأزرق، مقر الحكم لكوريا الجنوبية.

الضحك الحرام

من المفارقات، أن الزعيم الضاحك، يحظر الضحك على شعبه، وبخاصة لو كان مرتبطًا بالسخرية منه أو من حكمه وحكومته.. من يتهور ولو بابتسامه في هذا الشأن سيدفع الثمن حياته في غمضة عين.

المؤسف، أن الموت لاقتراف جريمة الضحك المحرم، ستكون مشمولة بوسيلة جنونية لإنهاء الحياة، على غرار ما يفعله نظام الزعيم الكوري الشمالي مع قادة وأركان نظامه الكبار، بمن فيهم أقارب له.

فمن المعتاد في بيونج يانج أن يفقد المرء عمره بعد تعرضه للنهش من كلاب مسعورة، أو قذيفة هاون تمزق جسده، أو جراء صب زيت مغلي على رأسه.

جريمة الضحك الحرام على الشعب، إنما تضاف في كل الأحوال إلى قائمة من الخطايا غير المغتفرة بالنسبة لكيم، كالنوم أو عدم التصفيق بحماسة كافية أثناء اجتماعاته أو خلال خطبه الباردة.

فعل شائن

عدم البكاء في حضرة كيم، فعل شائن في كوريا الشمالية أيضًا، ولكن فقط في حق السيدات والفتيات، سواء كن مجندات وموظفات أو حتى مجرد مواطنات عاديات.

وحيرت مشاهد لا حصر لها لفتيات وسيدات يحيطن بالزعيم الملهم بينما يجهشن في بكاء شديد إلى حد الانتحاب، المراقبين ومحللي الدعاية وخبراء السياسة والعادات والتقاليد حول العالم.

لا أحد يعلم على وجه الدقة، لماذا تبكي النسوة بينما رئيس الدولة يضحك بلا توقف؟..
ما سر كل هذا التأثر على وجوههن، فيما هو يمرح ويتبادل “القفشات” مع مساعديه دونما أي اهتمام تجاه جوقة النسوة الحزانة من حوله.

لا تفسير منطقي لتلك الظاهرة على الإطلاق، باستثناء بعض التخمينات، ومنها رغبة سيدات وفتيات كوريا الشمالية، إبداء سعادة مبالغ فيها بعدما أتيحت لهن فرصة لقاء المرشد ورمز الدولة.

البعض يزعم أنها عادة نسائية ترتبط بالاحتفالات والمناسبات والأعياد الوطنية، تظهر من خلالها الكوريات الشماليات سعادتهن الطاغية للانتماء إلى ذلك النظام المتشح بالديمقراطية القاتلة!