واجه نادي الزمالك المصري خلال الموسم الرياضي المنصرم، نتائج قد تكون الأسوأ في تاريخه، بعدما خرج خالي الوفاض من جميع البطولات التي خاضها، بالرغم من أن صفوفه تضم كثيرا من اللاعبين الموهوبين، وذلك بالتزامن مع عدة أزمات طاحنة ضربت جوانب القلعة البيضاء، تهدد بدخولها في متاهة مظلمة لا يمكن التنبأ بخروج النادي منها سالما.

وكان من اللافت، أن القاسم المشترك في جميع الأزمات التي واجهت النادي منذ تولي مرتضى منصور رئاسته في مارس 2014 وحتى الآن -قرابة 1200 يوم- هي لغة الخطاب التي حرص رئيس النادي على استخدامها في جميع مواقفه وأزماته وتعاملاته.

فالرجل لم يسلم من لسانه أحد، لا من منافسي النادي ولا من أنصاره، شتم الجميع، وهاجم الجميع، وخون الجميع، لا يقبل الانتقاد بأي شكل من الأشكال، سريع الغضب والانفعال، يتهم كل من ينصحه بأنه “صاحب مصلحة وله غرض وطامع وقابض”، حذاءه بات أحد الحاضرين الأساسيين في المقصورة الرئيسية بالمباريات التي يخوضها الزمالك.

وكانت لغة خطابه تلك القائمة على السب والشتم والتجريح “بالأب والأم”، إما سببا في خلق أزمات كان النادي في غنى عنها، أو سببا في تفاقم أزمات كان يمكن حلها بالهدوء والنقاش.

أضف إلى ذلك حرص الرجل على الخروج منتصرا في كل المعارك الكلامية التي يخوضها -وما أكثرها- وهو ما جعله منشغلا بهذه الأمور على حساب اهتمامه وانشغاله بمعالجة أوضاع النادي والتخطيط لمستقبله، ومع مرور الوقت، بات فوزه في مثل تلك المعارك الكلامية، هو المحرك الأساسي لقراراته داخل النادي.

ونتيجة لذلك باتت هناك أزمة “انتماء” داخل الزمالك على مستوى اللاعبين والجماهير، الذين باتوا مشتتين بين حبهم وانتمائهم للقلعة البيضاء، وبين كرههم وبغضهم لرئيس النادي الذي لم يسلم من لسانه أحد، وهي مشكلة كفيلة بالقضاء على أي نادي مهما كانت جماهيريته ومهما كان تاريخه، بعدما تسببت أساليب مرتضى منصور في النيل من مكانة الزمالك في نفوس الجماهير وتشويه صورة القميص الأبيض داخل مصر وخارجها.

ويستعرض “عرب لايت” في السطور التالية، كيف أضرت مواقف مرتضى منصور وانفعالاته ومعاركه بنادي الزمالك، وأفقدته الكثير من هيبته ومكانته، مدعما تقريره بمجموعة من مقاطع الفيديو أو فلنقل الـ”سيديهات” -على طريقة مرتضى منصور- مع اعتذارنا للقراء عن كم الألفاظ الخارجية التي سيسمعونها في تلك المقاطع.

اللاعبون

اللاعبون هم الشماعة الأولى التي يعلق عليها رئيس نادي الزمالك نتائج فشله، فكلما خسر مباراة اتهمهم بالتراخي و”الدلع” وهدد باستبعادهم، كما اعتاد الظهور في وسائل الإعلام على الهواء مباشرة بعد المباريات لينتقدهم بالاسم وربما وجه إليهم السباب والشتائم والتجريح العلني، وتحدث عن حياتهم الشخصية بشكل لا يليق، فلا يوجد لاعب واحد في الزمالك لم يسبه رئيس النادي أمام الجماهير أو على أقل تقدير “بصق عليه”، وهو ما كان سببا في هروب اللاعبين من النادي عبر بوابة الاحتراف، ومن يفشل في الاحتراف، يدعي المرض حتى لا يلعب ويواجه سباب وشتائم رئيس النادي على الملأ، وهو أيضا ما جعل الزمالك نادي غير جاذب للاعبين الجيدين، الذين يرفضون الانضمام للنادي تحت قيادة مرتضى منصور.

المدربون

اشتهر نادي الزمالك في السنوات الأخيرة، بأنه واحد من أكثر الأندية تغييرا للمدراء الفنيين في العالم كله، حيث تناوب على القلعة البيضاء 13 مديرا فنيا خلال رئاسته للنادي، نتيجة القرارات المتسرعة والمتضاربة لمنصور، الذي لا يتورع عن مهاجمة أي مدير فني يتولى قيادة فريقه لمجرد تعثر الفريق أو تحقيقه نتيجة غير مرضية، حتى بات المدربون الأجانب يخشون الانضمام للفريق لأنهم يعرفون النهاية التي سيؤولون إليها، إما أن يطردهم رئيس النادي ويفسخ معهم العقد ويماطل في دفع مستحقاتهم، أو أن يدفعهم للهرب نتيجة أساليبه في الإدارة وتدخله بشكل كامل في فنيات الفريق وتشكيله واختيار اللاعبين، أو تشويههم والهجوم عليهم في مؤتمرات صحفية يعقدها خصيصا لذلك.

الجماهير

مرتضى منصور هو رئيس النادي الوحيد في العالم، الذي اتهمه جماهير ناديه بأنه السبب في وفاة العشرات من مشجعي النادي، في الواقعة الشهيرة التي عرفت بـ”مذبحة الدفاع الجوي” وراح ضحيتها عدد كبير من شباب الألتراس، الذي يكن لهم مرتضى منصور عداء عميق، ويعتبرهم عدوه الأول في الحقل الرياضي، لذا ليس من المستغرب ألا تجد مشجع حقيقي للنادي حاليا يخفي بغضه وكرهه لرئيس النادي، أضف إلى ذلك الطريقة التي اعتاد الرجل أن يتعامل بها معا الجماهير، الذين يصفهم دائما بأنهم “بلطجية”، وهو ما انعكس على طريقة تعامل الجماهير معه، حيث أنه تعرض لأكثر محاولة اعتداء ردا على استفزازاته لمشجعي النادي.

أبناء النادي

لم يراع مرتضى منصور النجوم الكبار من أبناء النادي، واعتاد أن يقلل من شأنهم ويهاجمهم أمام الجماهير، ويتهمهم بمحاولة الإضرار بالنادي، وذلك لمجرد أنهم لا يناصرون رئيس النادي في قراراته الغريبة بالشكل المطلوب، فحينا يمنع بعض رموز النادي من دخول ميت عقبة دون سبب واضح، حينا يخرج ليهاجمهم في وسائل الإعلام -وسيلته المفضلة- وحينا آخر يطاردهم في أرزاقهم ويسعى لمنعهم في وسائل الإعلام سواء لتحليل المباريات أو التعليق عليها، وهو ما خلق جبهة كبيرة معارضة له بين رموز القلعة البيضاء، التي باتت تنادي بضرورة رحيله إنقاذا للزمالك.

الحكام

علاقة مرتضى منصور بحكام المباريات التي يخسر فيها الزمالك، معروفة ولا تحتاج شرح، فلو فاز الزمالك، فالحكم على أقل تقدير غير مرتشي، أما إذا خسر الزمالك، فالحكم مرتشي وفاشل ومتآمر وكاره للزمالك ويخفي أهلاويته، ومتابعة دقيقة لتصريحات الرجل في وسائل الإعلام، تكشف أنه يصنف الحكام، ولديه قائمة طويلة من الأسماء، يرفض أن يديروا لقاءات الزمالك، وإن حدث، هاجم اتحاد الكرة ولجنة الحكام، وغالبا ما تنتهي مثل تلك المباريات بإعلان انسحابه من الدوري، قبل تراجعه عن القرار -كالعادة.

الإعلاميون

معارك مرتضى منصور مع الإعلاميين، لا تعد ولا تحصى، وعدد الإعلاميين الذين دخل معهم في نقاشات حادة أو وجه لهم السباب عبر برامجهم أو قدم ضدهم بلاغات أمام النيابة لا يمكن حصره في تقرير واحد، فالرجل لا يتقبل النقد أيا كان شكله، ومجرد كتابة حرف واحد عنه أو قول كلمة واحدة لا تعجبه، تدفعه فورا للهجوم على من قال هذه الجملة، سواء كان مذيع أو صحفي، ومن فرط هذا العداء، اتخذت نقابة الصحفيين ضده ألزمت بها الصحف الورقية، لم تتخذ ضد شخص سواه، حتى أنه بات لا يذكر بالاسم في الصحف الورقية المصرية، كعقابا له على أسلوبه مع أصحاب السلطة الرابعة.